قلنا : الفاسق هنا بمعنى الكافر بدليل قوله تعالى بعده (وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [السجدة : ٢٠] والتقسيم يقتضي كون الفاسق المذكور هنا كافرا ، لا كون كل فاسق كافرا ، ونظيره قوله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) [القلم : ٣٥] وقوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [الجاثية : ٢١] ولم يلزم من ذلك أن كلّ مجرم كافر ، ولا أن كلّ مسيء كافر.
[٨٦٥] فإن قيل : ما فائدة العدول عن قوله تعالى : (فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) [الزخرف : ٤١] في قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) [السجدة : ٢٢] الآية؟
قلنا : لما جعله أظلم الظلمة ثم توعد كل المجرمين بالانتقام منه دل على أن الأظلم يصيبه النصيب الأوفر من الانتقام ، ولو قاله بالضمير لم يفد هذه الفائدة.
[٨٦٦] فإن قيل : قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ) [السجدة : ٢٨] سؤال عن وقت الفتح ، وهو يوم القضاء بين المؤمنين والكافرين ، يعني يوم القيامة ، فكيف طابقه ما بعده جوابا؟
قلنا : لما كان سؤالهم سؤال تكذيب واستهزاء بيوم القيامة لا سؤال استفهام أجيبوا بالتهديد المطابق للتكذيب والاستهزاء لا ببيان حقيقة الوقت.
[٨٦٧] فإن قيل : على قول من فسر الفتح بفتح مكة أو بفتح يوم بدر ، كيف وجه الجواب عن قوله : (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [السجدة : ٢٩] الآية ، وقد نفع بعض الكفار إيمانهم في ذينك اليومين وهم الطلقاء الذين آمنوا؟
قلنا : المراد أن المقتولين منهم لا ينفعهم إيمانهم في حال القتل ، كما لم ينفع فرعون إيمانه عند إدراك الغرق.