قلنا : أحسن بمعنى أحكم وأتقن ، وهذا الجواب يعم القراءتين.
الثاني : أن فيه إضمارا تقديره : أحسن إلى كل شيء خلقه.
الثالث : أن أحسن بمعنى علم كما يقال فلان لا يحسن شيئا : أي لا يعلم شيئا.
وقال علي كرّم الله وجهه : «قيمة كلّ امرئ ما يحسنه» ، أي ما يعلمه ؛ فمعناه أنه علم خلق كل شيء ، أو علم كل شيء خلقه ولم يتعلمه من أحد ؛ وهذان الجوابان يخصّان بقراءة فتح اللام.
[٨٦٠] فإن قيل : كيف قال تعالى ، هنا : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) [السجدة : ٨] ، وقال ، في موضع آخر : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) [المؤمنون : ١٢].
قلنا : المذكور هنا صفة ذرية آدم ، والمذكور هناك صفة آدم عليهالسلام يعلم ذلك من أول الآيتين فلا تنافي.
[٨٦١] فإن قيل : كيف قال. الله تعالى : (وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) [السجدة : ٩] والله تعالى منزه عن الروح؟
قلنا : معناه نفخ فيه من روح مضافة إلى الله بالخلق والإيجاد لا بوجه آخر.
[٨٦٢] فإن قيل : كيف قال تعالى ، هنا : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) [السجدة : ١١] ، وقال تعالى : في موضع آخر : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) [الأنعام : ٦١] ، وقال تعالى : في موضع آخر : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) [الزمر : ٤٢]؟
قلنا : الله تعالى هو المتوفي بخلق الموت وأمر الوسائط بنزع الروح ، والملائكة المتوفون أعوان ملك الموت ، وهم يجذبون الروح من الأظفار إلى الحلقوم ، وملك الموت يتناول الروح من الحلقوم ، فصحت الإضافات كلها.
[٨٦٣] فإن قيل : كيف قال تعالى : (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً) [السجدة : ١٥] الآية ، وليس المؤمنون منحصرين فيمن هو موصوف بهذه الصفة ولا هذه الصفة شرط في تحقق الإيمان؟
قلنا : المراد بقوله تعالى : (ذُكِّرُوا بِها) [السجدة : ١٥] أي وعظوا ، والمراد بالسجود الخشوع والخضوع والتواضع في قبول الموعظة بآيات الله تعالى ، وهذه الصفة شرط في تحقق الإيمان. ونظيره قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً) [الإسراء : ١٠٧] الآية.
الثاني : أن معناه إنما يؤمن بآياتنا إيمانا كاملا من اتصف بهذه الصفة ، وقيل المراد بالآيات فرائض الصلوات الخمس ، والمراد التذكير بها بالأذان والإقامة.
[٨٦٤] فإن قيل : قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) [السجدة : ١٨] يدل على أن الفاسق لا يكون مؤمنا؟