قلنا : هذا ليس بشعر ، لأنّ الخليل لم يعد مشطور الرجز شعرا ، وقوله : «هل أنت إلا إصبع دميت» من مشطور بحر الرجز ؛ كيف وقد روي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : دميت ولقيت بفتح الياء وسكون التاء وعلى هذا لا يكون شعرا ، وإنّما الراوي حرّفه فصار شعرا.
الثاني : أن حدّ الشعر قول موزون مقفّى مقصود به الشعر ، والقصد منتف فيما روي عنه صلىاللهعليهوسلم ، فكان كما يتّفق وجوده في كل كلام منثور من الخطب والرّسائل ومحاورات الناس ، ولا يعده أحد شعرا.
[٩٢٠] فإن قيل : كيف قال تعالى : (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً) [يس : ٧١] والله تعالى منزه عن الجارحة؟
قلنا : هو كناية عن الانفراد بخلق الأنعام والاستبداد به بغير شريك ، كما يقال في الحب وغيره من أعمال القلب هذا مما عملته يداك ، ويقال لمن لا يد له يداك أو يديك ، وكذا قوله تعالى : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) [ص : ٧٥].
[٩٢١] فإن قيل : كيف سمى قوله : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس : ٧٨] مثلا ، وليس بمثل ، وإنما هو استفهام إنكار؟
قلنا : سماه مثلا لما دل عليه من قصة عجيبة شبيهة بالمثل ، وهو إنكار الإنسان قدرة الله تعالى على إحياء الموتى ؛ مع أن العقل والنقل كلاهما يشهد بقدرة الله على ذلك.