تضر ولا تنفع. وقيل : إنه عرض له مرض وكان سقيما حقيقة. وقال الزمخشري : قد جوز بعض الناس الكذب في المكيدة في الحرب والتقية وإرضاء الزوج والصلح بين المتخاصمين والمتهاجرين. قال : والصحيح أن الكذب حرام إلا إذا عرّض وورّى ، وإبراهيم صلوات الله عليه عرّض بقوله وورّى ، فإنه أراد أن من في عنقه الموت سقيم ، كما قيل في المثل : «كفى بالسلامة داء». وقال لبيد :
ودعوت ربي بالسّلامة جاهدا |
|
ليصحّني فإذا السلامة داء |
وروي أن رجلا مات فجأة فاجتمع عليه الناس وقالوا مات وهو صحيح. فقال أعرابي : أصحيح من الموت في عنقه؟
[٩٢٨] فإن قيل : لم لا يجوز النظر في علم النجوم ؛ مع أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قد نظر فيه وحكم منه؟
قلنا : إذا كان المنجّم كإبراهيم في أن الله تعالى أراه ملكوت السموات والأرض أبيح له النظر في علم النجوم والحكم منه.
[٩٢٩] فإن قيل : قوله تعالى : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) [الصافات : ٩٣ ، ٩٤] أي يسرعون ، يدل على أنهم عرفوا أنه هو الكاسر لها ، وقوله تعالى في سورة الأنبياء (قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا) [الأنبياء : ٥٩] وما بعده يدل على أنهم ما عرفوا أنه الكاسر لها ، فكيف التوفيق بينهما؟
قلنا : يجوز أن يكون الذي عرفه وزفّ إليه بعضهم ، والّذي جهله وسأل عنه بعض آخر ، ويجوز أنّ الكلّ جهلوه وسألوا عنه ، فلمّا عرفوا أنّه الكاسر لها زفوا إليه كلهم.
[٩٣٠] فإن قيل : ما معنى قوله صلوات الله عليه (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) [الصافات : ٩٩]؟
قلنا : معناه إلى حيث أمرني ربّى بالمهاجرة وهو الشام. وقيل : إلى طاعة ربي ورضاه. وقيل : إلى أرض ربّي ؛ وإنّما خصها بالإضافة إلى الله تعالى تشريفا لها وتفضيلا ؛ لأنها أرض مقدسة مبارك فيها للعلمين ، كما في قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) [الجن : ١٨] ، وقوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) [الفرقان : ٦٣].
[٩٣١] فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (سَيَهْدِينِ) [الصافات : ٩٩] وهو كان مهتديا؟
قلنا : معناه : سيثبتني على ما أنا عليه من الهدى ويزيدني هدى. وقيل : معناه :