[٩٨٨] فإن قيل : كيف قال عيسى عليهالسلام لأمته : (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) [الزخرف : ٦٣]؟
قلنا : كانوا يختلفون فيما يعنيهم من أمر الديانات وفيما لا يعنيهم من أمور أخرى ، فكان يبين لهم الشرائع والأحكام خاصة ، وقيل : إن البعض هنا بمعنى الكل كما سبق في سورة المؤمن في قوله تعالى : (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) [غافر : ٢٨].
[٩٨٩] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بعد قوله : (بَغْتَةً) [الزخرف : ٦٦] أي فجأة.
قلنا : فائدته أنها تأتيهم وهم غافلون مشغولون بأمور دنياهم ، كما قال تعالى : (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) [يس : ٤٩] فلولا قوله : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) جاز أن تأتيهم بغتة وهم فطنون حذرون مستعدون لها.
[٩٩٠] فإن قيل : كيف وصف أهل النار فيها بكونهم مبلسين ، والمبلس هو الآيس من الرحمة والفرج ، ثم قال تعالى : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) [الزخرف : ٧٧] فطلبوا الفرج بالموت؟
قلنا : تلك أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة فتختلف فيها أحوالهم ، فيغلب عليهم اليأس تارة فيسكنون ، ويشتد ما بهم من ألم العذاب تارة فيستغيثون.
[٩٩١] فإن قيل : قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) [الزخرف : ٨٤] ظاهره يقتضي تعدد الآلهة ، لأن النكرة إذا أعيدت تعددت كقوله : له عليّ درهم ودرهم ، وأنت طالق وطالق ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما لن يغلب عسر يسرين؟
قلنا : الإله هنا بمعنى المعبود بالنقل ، كما في قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) [الأنعام : ٣] فصار المعنى : وهو الذي في السماء معبود وفي الأرض معبود ، والمغايرة ثابتة بين معبوديته في السماء ومعبوديته في الأرض ؛ لأن العبودية من الأمور الإضافية فيكفي في تغايرهما التغاير من أحد الطرفين فإذا كان العابد في السماء غير العابد في الأرض صدق أن معبوديته في السماء غير معبوديته في الأرض ، مع أن المعبود واحد.