قلنا : معناه فاتركوا عبادة الجاهلية فإن الله تعالى لم يترككم عليها ، ولكن الله حبب إليكم الإيمان. وقيل : معناه فتثبتوا في الأمور كما يليق بالإيمان ، فإن الله حبب إليكم الإيمان.
[١٠٢٠] فإن قيل : إن كان الفسوق والعصيان بمعنى واحد ، فما فائدة الجمع بينهما ، وإن كان العصيان أعم من الفسوق فذكره مغن عن ذكر الفسوق لدخوله فيه فما فائدة الجمع بينهما؟
قلنا : قال ابن عباس رضي الله عنهما المراد بالفسوق هنا الكذب ، وبالعصيان بقية المعاصي ، وإنما أفرد الكذب بالذكر ، لأنه سبب نزول الآية.
[١٠٢١] فإن قيل : كيف يقال إن الإيمان والإسلام بمعنى واحد ، والله سبحانه وتعالى يقول : (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) [الحجرات : ١٤].
قلنا : المنفي هنا الإيمان بالقلب بدليل قوله تعالى : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) [الحجرات : ١٤] يعني لم تصدقوا بقلوبكم (وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) أي استسلمنا وانقدنا خوف السيف ، ولا شك في الفرق بين الإيمان والإسلام بهذا التفسير ، والذي يدعي اتحادهما لا يريد به أنهما حيث استعملا كانا بمعنى واحد ؛ بل يريد به أن أحد معاني الإيمان هو الإسلام.
[١٠٢٢] فإن قيل : كيف يقال إن العمل ليس من الإيمان ، والله تعالى يقول : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا) [الحجرات : ١٥] الآية؟
قلنا : معناه إنما المؤمنون إيمانا كاملا كما في قوله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] وقوله صلىاللهعليهوسلم : «المسلم من سلّم المسلمون من لسانه ويده».
وقولهم : الرّجل من يصبر على الشدائد. ويرد على هذا الجواب أن المنفي في أول الآية عن الأعراب نفس الإيمان الكامل ، فلا يناسب أن يكون المثبت بعد ذلك الإيمان الكامل ؛ بل نفس الإيمان.