أو إلّا بنات فلان سواء. وتقول : إن جاءك أحد بكتابي فأعطه وديعتي ، يستوي فيه الكلّ ؛ فالمعنى لا نفرّق بين اثنين منهم ، أو بين جماعة منهم ، ومنه قوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ) [الأحزاب : ٣٢].
[٨٧] فإن قيل : من أين دلّ قوله : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) [البقرة : ٢٨٦] على أنّ الأوّل في الخير والثّاني في الشّر؟
قلنا : قيل : هو من كسبت واكتسبت ، فإنّ الأوّل للخير والثّاني للشرّ ، وليس بدليل ؛ لقوله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً) [النساء : ١١٢] ، وقوله : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر : ٣٨] ، وقوله : (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) [الشورى : ٣٤] ، وقوله : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) [الشورى : ٢٣] ؛ والاقتراف والاكتساب بمعنى واحد.
وقيل : هو من اللّام وعلى ، وليس بدليل ، أيضا ؛ لقوله تعالى : (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [الرعد : ٢٥] ، وقوله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) [الإسراء : ٧] ، وقوله تعالى : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) [البقرة : ١٥٧] ؛ اللهمّ إلّا أن يدّعى أنّ اللّام وعلى ، عند الإطلاق ، يقتضيان ذلك ؛ أو لأنّهما يستعملان لذلك ، عند تقاربهما ، كما في هذه الآية ؛ لا نفرّق بين ذكر الحسنة والسيئة ، أو الحسن والقبيح. ويدل عليه قوله تعالى : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) [الأنعام : ١٦٤]. أطلقه وأراد به الشرّ ؛ بديل ما بعده. وقولهم : «الدّهر يومان ، يوم لك ويوم عليك». وقولهم : فلان يشهد لك وفلان يشهد عليك. ويقول الرجل لصاحبه : هذا الكلام حجّة عليك لا لك ، قال الشاعر :
على أنّني راض بأن أحمل الهوى |
|
وأخلص منه لا عليّ ولا ليا |
وأمّا قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [فصلت : ٤٦] ، وإن كان مقيّدا ، إلا أنّ فيه دلالة أيضا من جهة اللّام وعلى ؛ لأنّ القيد شامل لطرفيه.
__________________
[٨٧] «الدهر يومان ...» هذه كلمة للإمام علي ، وهي في نهج البلاغة ، قصار الحكم ، رقم ٣٩٦.