قلنا : المراد به خيرا منكن في حفظ قلبه ومتابعة رضاه ، مع اتصافهن بهذه الصفات المشتركة بينكن وبينهن.
[١١١٥] فإن قيل : كيف أخليت الصفات كلها عن الواو وأثبتت بين الثيبات والأبكار؟
قلنا : لأنهما صفتان متضادتان لا تجتمعان فيهن اجتماع سائر الصفات ، فلم يكن بدّ من الواو ، ومن جعلها واو الثمانية فقد سها ؛ لأن واو الثمانية لا يفسد الكلام بحذفها بخلاف هذه.
[١١١٦] فإن قيل : هذه الصفات إنما ذكرت في معرض المدح ، وأيّ مدح في كونهن ثيبات؟
قلنا : التثييب مدح من وجه ، فإن الثيّب أقبل للميل بالنقل ، وأكثر تجربة وعقلا ، والبكارة مدح من وجه فإنها أطهر وأطيب وأكثر مراغبة وملاعبة.
[١١١٧] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [التحريم : ٦] ؛ بعد قوله سبحانه : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ) [التحريم : ٦]؟
قلنا : قيل المراد بالأمر الأول الأمر بالعبادات والطاعات ، وبالأمر الثاني الأمر بتعذيب أهل النار. وقيل : هو تأكيد.
[١١١٨] فإن قيل : كيف قال تعالى : (تَوْبَةً نَصُوحاً) [التحريم : ٨] ولم يقل توبة نصوحة؟
قلنا : لأنّ فعولا من أوزان المبالغة الذي يستوي في لفظه الذكور والإناث ، كقولهم : امرأة صبور وشكور ونحوهما.
[١١١٩] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (مِنْ عِبادِنا) ؛ بعد قوله تعالى : (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ) [التحريم : ١٠].
قلنا : فائدته مدحهما والثناء عليهما بإضافتهما إليه إضافة التشريف والتخصيص ، كما في قوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ) [الفرقان : ٦٣] ، وقوله تعالى : (فَادْخُلِي فِي عِبادِي) [الفجر : ٢٩]. وهو مبالغة في المعنى المقصود. وهو أن الإنسان لا ينفعه إلا صلاح نفسه لا صلاح غيره ؛ وإن كان ذلك الغير في أعلى مراتب الصلاح والقرب من الله تعالى.
[١١٢٠] فإن قيل : وكيف قال تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) [التحريم : ١٢] ولم يقل سبحانه من القانتات؟
قلنا : معناه كانت من القوم القانتين ، أي المطيعين لله تعالى ، يعني رهطها وأهلها ، فكأنه تعالى قال : وكانت من بنات الصالحين. وقيل : إن الله تعالى لما تقبلها في النذر وأعطاها مرتبة الذّكور الذين كان لا يصلح النذر إلا بهم ، عاملها معاملة الذكور في بعض الخطاب إشارة إلى ذلك ، وقال تعالى : (وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) [آل عمران : ٤٣] ، وقال تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) [التحريم : ١٢] ، أو رعاية للفواصل.