١٨٩] وقوله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) [الأنعام : ١] وخالق هذه الأشياء هو الله تعالى؟
قلنا : المراد بالجعل هنا الإيجاب والأمر : أي ما أوجبها ولا أمر بها. وقيل : المراد بالجعل التحريم.
[٢٥٨] فإن قيل : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) [المائدة : ١٠٥] يدل على عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما واجبان؟
قلنا : معنى قوله أنفسكم : أي أهل دينكم كما قال تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [النساء : ٢٩] أي أهل دينكم.
وقيل : المراد به آخر الزمان عند فساد الزمان وتعذر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو زماننا هذا.
[٢٥٩] فإن قيل : كيف يقول الرسل (لا عِلْمَ لَنا) [المائدة : ١٠٩] إذا قال الله تعالى لهم : (ما ذا أُجِبْتُمْ) [المائدة : ١٠٩] وهم عالمون بما ذا أجيبوا؟
قلنا : هذا جواب الدهشة والحيرة حين تطيش عقولهم من زفرة جهنم نعوذ بالله تعالى منها ، ومثله لا يفيد نفي العلم ولا إثباته.
الثاني : أنهم قالوا ذلك تعريضا بالتشكي من قومهم وإظهارا للالتجاء إلى الله تعالى في الانتقام منهم ، كأنهم قالوا : أنت أعلم بما أجابونا به من التصديق والتكذيب.
الثالث : معناه : لا علم لنا بحقيقة ما أجابونا به ؛ لأنا نعلم ظاهره وأنت تعلم ظاهره ومضمره ، ويؤيده ما بعده.
[٢٦٠] فإن قيل : أيّ معجزة لعيسى صلىاللهعليهوسلم في تكليم الناس كهلا حتى قال : (تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً) [المائدة : ١١٠]؟
قلنا : قد سبق جوابه في سورة آل عمران مستقصى.
[٢٦١] فإن قيل : كيف قال الحواريون (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) [المائدة : ١١٢] شكوا في قدرة الله تعالى على بعض الممكنات وذلك كفر ، ووصفوه بالاستطاعة وذلك تشبيه ؛ لأن الاستطاعة إنما تكون بالجوارح ، والحواريون خلص أتباع عيسى عليهالسلام والمؤمنون به بدليل قوله تعالى حكاية عنهم (قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) [المائدة : ١١١].
قلنا : هذا استفهام عن الفعل لا عن القدرة ، كما يقول الفقير للغني القادر : هل تقدر أن تعطيني شيئا ، وهذا يسمى استطاعة المطاوعة لا استطاعة القدرة ، أو المعنى :