هل يسهل عليك أن تسأل ربك؟ كقولك لآخر : هل تستطيع أن تقوم معي؟ وأنت تعلم استطاعته لذلك.
[٢٦٢] فإن قيل : لو كان المراد هذا المعنى فلم أنكر عليهم عيسى عليهالسلام بقوله : (قالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة : ١١٢]؟
قلنا : إنكاره عليهم إنما كان لأنهم أتوا بلفظ يحتمل المعنى الذي لا يليق بالمؤمن المخلص إرادته وإن كانوا لم يريدوه.
[٢٦٣] فإن قيل : كيف قال عيسى عليهالسلام (وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) [المائدة : ١١٦] وكل ذي نفس فهو ذو جسم ؛ لأن النفس عبارة عن الجوهر القائم بذاته المتعلق بالجسم تعلق التدبير ، والله تعالى منزه عن الجسم؟
قلنا : النفس تطلق على معنيين : أحدهما هذا والثاني حقيقة الشيء وذاته ، كما يقال : نفس الذهب والفضة محبوبة ، أي ذاتهما ، والمراد به في الآية ثانيا هذا المعنى.
[٢٦٤] فإن قيل : كيف قال عيسى عليهالسلام : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) [المائدة : ١١٧] الآية ، مع أنه قال لهم كثيرا من الكلام المباح غير الأمر بالتوحيد؟
قلنا : معناه ما قلت لهم فيما يتعلق بالإله.
[٢٦٥] فإن قيل : إذا كان عيسى لم يمت وإنما هو حي في السماء فكيف قال (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي) [المائدة : ١١٧]؟
قلنا : أراد بالتوفّي إتمام مدة إقامته في الأرض ، وإتمامه قد سبق في قوله تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) [آل عمران : ٥٥] والسؤال إنما يتوجه على قول من قال : إن السؤال والجواب وجدا يوم رفعه إلى السماء ، وأما من قال : إن السؤال إنما يكون يوم القيامة ، وعليه الجمهور ، فالجواب مطابق ولا إشكال فيه.
[٢٦٦] فإن قيل : لو قال عيسى عليهالسلام : إن تعذبهم فإنك أنت العزيز الحكيم ، وإن تغفر لهم فإنهم عبادك ، كان أظهر مناسبة؟
قلنا : معناه إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وتصرف المالك المطلق الحقيقي في عبيده مباح : أي تصرف كان ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم الذي لا ينقص من عزه شيء بترك العقوبة والانتقام ممن عصاه ، الحكيم في كل ما يفعله من العذاب أو المغفرة.
[٢٦٧] فإن قيل : كيف قال : (يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [المائدة : ١١٩] يعني يوم القيامة ، والصدق نافع في الدنيا والآخرة ، ولفظ الآية في قوة الحصر؟
قلنا : لما كان نفع الصدق في الآخرة هو الفوز بالجنة والنجاة من النار ونفعه في