قلنا : فائدته الإعلام بأنهم بعد ما ضلوا لم يهتدوا مرة أخرى ، فإن من الناس من يضل ثم يهتدي بعد ضلاله.
[٣٠٢] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (إِذا أَثْمَرَ) [الأنعام : ١٤١] بعد قوله : (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) [الأنعام : ١٤١] ومعلوم أنه إنما يؤكل من ثمره إذا أثمر؟
قلنا : فائدته نفي توهم توقف الإباحة على الإدراك والنضج بدلالته على الإباحة من أول إخراج الثمر.
[٣٠٣] فإن قيل : قوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ) [الأنعام : ١٤٥] الآية ، وفي القرآن تحريم أكل الربا ومال اليتيم ومال الغير بالباطل وغير ذلك؟
قلنا : محرما مما كانوا يحرمونه في الجاهلية ، وقيل : مما كانوا يستحلون فيها.
[٣٠٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ) [الأنعام : ١٤٧] والموضع موضع العقوبة ، فكان يحسن أن يقال فيه ذو عقوبة شديدة أو عظيمة ونحو ذلك؟
قلنا : إنما قال ذلك نفيا للاغترار بسعة رحمته في الاجتراء على معصيته ، وذلك أبلغ في التهديد معناه : لا تغتروا بسعة رحمته ، فإنه مع ذلك لا يرد عذابه عنكم.
وقيل معناه : فقل ربكم ذو رحمة واسعة للمطيعين ، ولا يرد عذابه عن العاصين.
[٣٠٥] فإن قيل : كيف قال : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) [الأنعام : ١٥١] ، ثم فسره بعشرة أحكام ، خمسة منها واجبة ، والتّلاوة وصف للفظ لا للمعنى كيلا يقال أضدادها محرمة؟
قلنا : قوله : (أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) لا ينفي تلاوة غيره فقد تلا ما حرم وتلا غيره أيضا.
الثاني : أن فيه إضمارا تقديره : أتل ما حرم ربكم عليكم وأوجب.
[٣٠٦] فإن قيل : كيف خص مال اليتيم بالنهي عن قربانه بغير الأحسن ومال البالغ أيضا كذلك؟
قلنا : إنما خصه بالنهي لأن طمع الطامعين فيه أكثر لضعف مالكه وعجزه وقلة الحافظين له والناصرين ، بخلاف مال البالغ.
__________________
[٣٠٢] ـ يبدو أن في السؤال فضولا لا يصدر عمّن له ذوق عربي ودراية بأساليب العرب في البيان ، ولا يخفى ما في الجواب من تكلف ...