والحالة الثالثة : أن تصير كالهباء ، وذلك أن تتقطع وتتبدد بعد أن كانت كالعهن وهو قوله سبحانه وتعالى : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (٦)) (١).
والحالة الرابعة : أن تنسف لأنها مع الأحوال المتقدمة مارة في مواضعها ، والأرض تحتها غير بارزة فتنسف عنها بإرسال الرياح عليها وهو المراد من قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) (٢).
والحالة الخامسة : أن الرياح ترفعها عن وجه الأرض فتصيرها شعاعا في الهواء كأنها غبار فمن نظر إليها ، من بعد حسبها لتكاثفها أجساما جامدة ، فهي في الحقيقة مارة إلا أن مرورها بسبب مرور الرياح بها صيرها مندكة متفتتة وهي قوله : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) (٣).
ثم تبين أن تلك الحركة حصلت بقهره وتسخيره فقال سبحانه : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (٤).
الحالة السادسة : أن تصير سرابا ، بمعنى لا شيء ، فمن نظر إلى مواضعها لم يجد منها شيئا ، كما أن من يرى السراب من بعد إذا جاء الموضع الذي كان فيه لم يجده شيئا والله أعلم) (٥).
كذلك فإن الحديث عن السماء يأخذ بالألباب ، ويثير الرعب والهلع في النفوس ، قال الله سبحانه وتعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) (٦).
وقال سبحانه : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) (٧).
__________________
(١) سورة الواقعة ، الآيتان ٥ ، ٦.
(٢) سورة طه ، الآية : ١٠٥.
(٣) سورة النمل ، الآية : ٨٨.
(٤) سورة الكهف ، الآية : ٤٧.
(٥) التفسير الكبير ، للفخر الرازي ، ١٦ / ١٢.
(٦) سورة الروم ، الآية : ٢٥.
(٧) سورة الأنبياء ، الآية : ١٠٤.