المضلعات من المثلث أو المربع أو غيرهما ، فإنه يتفاوت لأن زواياه مخالفة لقوائمه ، والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي ، ليس بعضه مخالفا لبعض ... ولا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة ، وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدورة الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين ، أحدهما في الشمال ، والآخر في ناحية الجنوب ، ويدل على ذلك أن الكواكب جميعها تدور من المشرق تقع قليلا على ترتيب واحد في حركتها ومقادير أجزائها ، إلى أن تتوسط السماء ، ثم تنحدر على ذلك الترتيب ، فكأنها ثابتة في كرة تديرها جميعها دورا واحدا ، وهذا محل القصد بالذات ، وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة ، وفكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء ، كالنقطة في الدائرة ، يدل على ذلك أن جرم كل كوكب يرى في جميع نواحي السماء ، على قدر واحد ، فيدل ذلك على بعد ما بين السماء والأرض من جميع الجهات بقدر واحد ، فاضطرار أن تكون الأرض وسط السماء) (١).
وأما قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً) ، فيقول ابن كثير : (أي جعلها متسعة ممتدة في الطول والعرض) (٢).
ونفس المعنى في تفسير «الوجيز» : (وهو الذي مد الأرض ، بسطها ووسعها ، وجعل فيها رواسي أوتدها بالجبال ...) (٣).
وصاحب تفسير «روح المعاني» يدلل على كروية الأرض ، ويزيل الإشكال الذي قد يخطر بالبال حول كونها كروية وكونها ممدودة فيقول : (وأنت تعلم أن أرباب التعليم يكتفون بالكرية الحسية في السطح الظاهر ، فلا يتجه عليهم السؤال عن المغمور ، ولا يليق بهم الجواب بالرجوع إلى البساطة والحق الذي لا ينكره إلا جاهل أو متجاهل أن ما ظهر منها كرى حسا ، ولذلك كرية الفلك تختلف أوقات الصلاة في البلاد ، فقد
__________________
(١) أضواء البيان ، للشنقيطي ، ٩ / ٥٥١.
(٢) تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ، ٢ / ٥٠١ ، وانظر : مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد ، محمد ابن عمر نووي الجاوي ، تحقيق ، محمد أمين الضناوي ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى ، ١٤١٧ ه / ١٩٩٧ ، ١ / ٥٧٨.
(٣) الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ، للواحدي ، ١ / ٥٦٥ ، وانظر : مدارك التنزيل وحقائق التأويل ، عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي ، بيروت ، دار النفائس ، د. ت ، ٢ / ٢٠٩.