وعند القرطبي : (قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) أي محفوظا من أن يقع ويسقط على الأرض) (١).
وعند الطبري : (أي ، سقفا مرفوعا ، وموجا مكفوفا) (٢).
ويقول الرازي : (فيها مسألتان ، المسألة الأولى : سمى السماء سقفا لأنها للأرض كالسقف للبيت ، المسألة الثانية : في المحفوظ قولان ، أحدهما ، أن محفوظ من الوقوع والسقوط الذين يجري مثلهما على سائر السقوف) (٣).
وأما بالنسبة للآية الثانية ، ففي «إرشاد العقل السليم» : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ) أي على هؤلاء المقترحين المعاندين (باباً مِنَ السَّماءِ) أي بابا ما ، لا بابا من أبوابها المعهودة كما قيل ، ويسرنا لهم الرّقيّ والصعود إليه (فَظَلُّوا فِيهِ) في ذلك الباب (يَعْرُجُونَ) بآلة أو بغيرها ، ويرون ما فيها من العجائب عيانا كما يفيده الظلول ، أو فظل الملائكة الذين اقترحوا إتيانهم يعرجون في ذلك الباب وهم يرونه عيانا مستوضحين طول نهارهم (لَقالُوا) لفرط عنادهم وغلوّهم في المكابرة وتفاديهم عن قبول الحق (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) أي سدّت من الإحساس من السكر ، (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) قد سحرنا محمد صلىاللهعليهوسلم كما قالوه عند ظهور سائر الآيات الباهرة) (٤).
وفي «بحر العلوم» : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) أي فصاروا يصعدون فيه وينزلون ، يعني : الملائكة ، ويراهم المشركون ، وهم أهل مكة (لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) يقول : أخذت وغشيت أبصارنا (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) أي ، ولقالوا : سحرنا فلا نبصر ، و (سُكِّرَتْ) بالتشديد أي ، غشّيت ، ومنه يقال : سكّر النهر إذا سدّ ، ومنه يقال : سكر الشراب وهو الغطاء على العقل ، ومن قرأ (سُكِّرَتْ) بالتخفيف يعنى ، سحرت يعني ، إنهم لا يعتبرون به كما لم يعتبروا بانشقاق القمر حين رأوه معاينة) (٥).
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، ١١ / ٢٨٢.
(٢) جامع البيان ، للطبري ، ١٧ / ١٦.
(٣) التفسير الكبير ، للرازي ، ٢٢ / ١٤٢.
(٤) إرشاد العقل السليم ، لأبي السعود ، ٣ / ٦٥ ، وانظر : تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ، ٤ / ٤٥٣.
(٥) بحر العلوم ، للسمرقندي ، ٢ / ٢٦١ ، وانظر : تفسير القرآن ، لعز الدين بن عبد السلام الدمشقي ، بيروت ، دار ابن حزم ، الطبعة الأولى ، ١٤١٦ ه / ١٩٩٦ ، ٢ / ١٧١.