وقلب العصا ، وتسبيح الحصى وذهب الشيخ أبو الحسن إلى أنه مما يمكن أن يدخل مثله تحت مقدور البشر ويقدرهم الله عليه ، ولكنه لم يكن هذا ولا يكون ، فمنعهم الله هذا وعجزهم عنه) (١) ، فنحن نميل إلى الاعتقاد بأنه قد عرض القولين مجرد عرض ، بل إنه قد جزم بإعجاز القرآن بالتحدي لا بالصرفة (٢).
هؤلاء هم أبرز من قال بالصرفة ، بل هم الذين وضعوا التصور الواضح لمفهوم الصرفة ، ويتضح لنا بعد أن تعرفنا على ما ذهبوا إليه أن آرائهم تتلخص بمذهبين :
أولا : النظّام ومن سار على نهجه ، وهؤلاء يرون أن العرب صرفوا عن معارضة القرآن ولم يحاولوا معارضته ، ولو حاولوا لاستطاعوا أن يأتوا بمثله.
ثانيا : الشريف المرتضى والخفاجي ومن سار على نهجهما ، وهؤلاء يرون أن الله سلب من العرب العلوم التي يحتاجون إليها لمعارضة القرآن الكريم ، ولو حاولوا معارضته لفشلوا بسبب سلب العلوم التي تمكنهم من معارضته والإتيان بمثله.
وكلا المذهبين مردود بأدلة قاطعة وواضحة ، وهذا ما سيتناول في المبحث القادم إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، تحقيق مصطفى عطى ، الطبعة الأولى ، ١٩٩٠ ، ١ / ٣٧٣.
(٢) والذي يراجع ما كتبه القاضي عياض في هذا الصدد في كتابه الشفا ، ص : ٣٧٠ وما بعدها يجد مصداق ما قلناه.