وقال مردويه : وقال لي رباح بن خالد : إنّ ابن المبارك قال له : إذا نظرت إلى فضيل بن عياض جدّد لي الحزن ومقتّ نفسي. ثم بكى (١).
وعن ابن المبارك قال : إذا مات الفضيل ارتفع الحزن (٢).
وقال أبو بكر الصّوفيّ : سمعت وكيعا يقول يوم مات الفضيل : ذهب الحزن اليوم من الأرض (٣).
وقال يحيى بن أيّوب : دخلت مع زافر بن سليمان على الفضيل بن عياض بالكوفة. فإذا الفضيل وشيخ معه. فدخل زافر ، وأقعدني على الباب.
قال زافر : فجعل الفضيل ينظر إليّ ، ثم قال : يا أبا سليمان هؤلاء المحدّثين يعجبهم قرب الإسناد. ألا أخبرك بإسناد لا شكّ فيه : رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عن جبريل ، عن الله تعالى : (ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ) (٤) فأنا وأنت يا أبا سليمان من الناس.
قال : ثم غشي عليه وعلى الشيخ ، وجعل زافر ينظر إليهما ، ثم تحرّج الفضيل فقمنا ، والشيخ مغشيّ عليه (٥).
إبراهيم بن الأشعث : كنّا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة لا يزال يعظ ويذكّر ويبكي لكأنّه مودّع أصحابه ، ذاهب إلى الآخرة ، حتى يبلغ المقابر ، فيجلس فكأنّه بين الموتى في الحزن والبكاء (٦).
قال سهل بن راهويه : قلت لسفيان بن عيينة : ألا ترى إلى أبي عليّ ،
__________________
(١) السير ٨ / ٣٨٧.
(٢) رواه أبو نعيم في الحلية ٨ / ٨٧ عن محمد بن إبراهيم ، عن المفضّل بن محمد ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن ابن المبارك ، وهو في وفيات الأعيان ٤ / ٤٩.
(٣) تهذيب الكمال ٢ / ١١٠٥.
(٤) سورة التحريم ، الآية ٦.
(٥) سير أعلام النبلاء ٨ / ٣٨٧.
(٦) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٨ / ٨٤ من طريق محمد بن جعفر ، عن إسماعيل بن يزيد ، عن إبراهيم بن الأشعث ، وفيه : «فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم ، ولكأنّه رجع من الآخرة يخبر عنها.» ، تهذيب الكمال ٢ / ١١٠٤.