اى قائلين أو مقولا فيكم أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر بتقدير القول مثل الوجه السّابق كأنّه قيل : ما يقال لهم وقت الفراغ لهم؟ ـ أو نداء من الله للثّقلين من غير تقدير القول وخطاب لهم في الدّنيا (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعنى ان استطعتم ان تخرجوا بالنّفوذ في اقطارهما من اقطارهما وتحتهما فارّين من الله أو فارّين من ملائكته أو خارجين من ملكه (فَانْفُذُوا) امر للتّعجيز (لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) من الله وهو وليّه الّذى كان واسطة بينه وبين خلقه ، أو الّا بسلطان وهو السّكينة الّتى ينزلها الله على من يشاء من عباده فانّه إذا نزل تلك السّكينة وتمكّن سهل على الإنسان النّفوذ والخروج من أقطار السّماوات والأرض الى عالم الملكوت والجبروت كما نفذ محمّد (ص) وخرج من الملكوت والجبروت ، أو المعنى ان استطعتم ان تنفذوا بقوّتكم العلّامة وعقولكم الفكريّة من أقطار السّماوات والأرض لتعلموا ما وراءهما فانفذوا لا تنفذون الّا بسلطان هو ولىّ أمركم وهو سكينتكم النّازلة عليكم أو برهانكم الّذى تستنبطون ما غاب عنكم منه ، وروى انّه يحاط يوم القيامة على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثمّ ينادون : يا معشر الجنّ والانس (الى قوله) شواظ من نار ، وعن الصّادق (ع): إذا كان يوم القيامة جمع الله العباد في صعيد واحد وذلك انّه يوحى الى السّماء الدّنيا ، ان اهبطى بمن فيك ، فيهبط أهل السّماء الدّنيا بمثلي من في الأرض من الجنّ والانس والملائكة ، فلا يزالون كذلك حتّى يهبط أهل سبع سماوات فتصير الجنّ والانس في سبع سرادقات من الملائكة ثمّ ينادى مناد : يا معشر الجنّ والانس ان استطعتم (الآية) فينظرون فاذا قد أحاط بهم سبع اطواق من الملائكة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ) الشّواظ كغراب وكتاب وقرئ بهما لهب لا دخان فيه ، أو دخان النّار وحرّها ، وحرّ الشّمس ، والصّياح وشدّة الغلّة (١) (وَنُحاسٌ) النّحاس مثلّثة ، الصّفر المذاب أو المطلق ، وما سقط من شرار الصّفر أو الحديد إذا طرق وقيل : المراد به الدّخان ، وقيل : المراد به المهل ، وقرئ بالرّفع وبالجرّ (فَلا تَنْتَصِرانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ) في العالم الصّغير فانّه في حال الاحتضار تنشقّ سماء الرّوح الحيوانيّة فتنفلق الرّوح الانسانيّة منها ، وإذا انشقّت السّماء الدّنيا في العالم الصّغير انشقّت السّماء الدّنيا في العالم الكبير في نظر من انشقّت سماؤه في عالمه (فَكانَتْ وَرْدَةً) اى كنور النّبات في انشقاقه وانفلاق الثّمر منه وعدم الاحتياج اليه أو صارت أحمر واصفر وابيض يعنى بألوان مختلفة كلون النّور ، أو كلون الفرس بين الكميت والأشقر فانّ الوردة واحدة الورد وهو من كلّ شجرة نورها ، وغلّب على الحوجم (٢) وفرس بين الكميت والأشقر والزّعفران (كَالدِّهانِ) الدّهان جمع الدّهن أو هو الأديم الأحمر أو هو عكر الزّيت فانّ الدّهن إذا صبّ بعضها فوق بعض اختلف ألوانها ودردىّ الزّيت أيضا تختلف ألوانه (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وجواب إذا امّا قوله : فكانت وردة ، أو قوله فباىّ آلاء ربّكما ، أو قوله تعالى (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ) أو قوله يعرف المجرمون (عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) لما دهمه من الدّهشة والغشية والحيرة الّتى لا يبقى معها موقع سؤال عنه وانّما السّؤال في القيامة الكبرى أو لا يسئل عن ذنب المذنب انس ولا جانّ غيره بإرجاع الضّمير الى المذنب المستفاد بالملازمة لا الى الانس والجانّ ، أو يوم القيامة لا يسئل عن ذنبه انس ولا جانّ إذا كان من شيعة علىّ (ع) كما في الخبر عن الرّضا (ع) وامّا غيرهم فيسئلون ، أو لا يسئل عن ذنبه سؤال استفهام لانّ المجرم يعرف بسيماه بقرينة قوله يعرف المجرمون (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ)
__________________
(١) الغلّة العطش.
(٢) الحوجمة الوردة الحمراء والجمع الحوجم.