المرسلة للمعروف والإحسان الى العباد بتعذيب أهل الشّرّ والفساد (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) من قبيل عطف الصّفات المتعدّدة لذات واحدة ، وتخلّل الفاء للاشعار بانّ هذه الصّفة اى شدّة الهبوب والمرور في مقام التّعذيب أبلغ من الإرسال ، وفسّرتا بالرّياح المرسلة لتعذيب أهل الدّنيا بإفساد زراعاتهم وإهلاك مواشيهم (وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) فسّرت بملائكة الرّحمة الّذين ينشرون العلوم في قلوب الأنبياء وسائر العباد ، والّذين يأتون بالسّحاب ، وفسّرت برياح الرّحمة الّتى تنشر السّحاب ، وفسّرت بالامطار الّتى تنشر النّبات من الأرض وفسّرت بنفوس الأنبياء (ع) الّذين ينشرون العلوم والأحكام في العباد (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) فسّر هذه بموافقة سابقتها (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) اى الملائكة والرّياح أو السّحب أو الأمطار أو الأنبياء (ع) فانّ كلّا منها يذكّر الإنسان قدرة الله وحكمته في صنعه ، ويستفاد من بيان الفقرات وجه اختلاف العطف بالفاء والواو (عُذْراً أَوْ نُذْراً) اى يلقين الذّكر عذرا اى سببا لنجاتهم ، أو نذرا اى تخويفا فيكونان بمعنى أرجاء وتخويفا وهما بدلان من ذكرا ، أو مفعولان له ، أو حالان وقد فسّرت الفقرات بالواردات الإلهيّة في العالم الصّغير الانسانىّ من الإلهامات والقبضات والبسطات والمنامات المنذرات والمبشّرات والبلايا الواردات ، وجبرانها بالالطاف الالهيّات والخطرات والخيالات والسّطوات والرّأفات والملائكة المرسلات بالنّبوّات والرّسالات (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) جواب للقسم والمراد بما يوعدون البعث والحساب ، أو الثّواب والعقاب (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) اى محقت أو محى نورها ، وجواب إذا محذوف بقرينة السّابق اى كان ما توعدون ، أو بقرينة اللّاحق اى أهلكناهم ، أو الجواب قوله لاىّ يوم أجلت بتقدير القول (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) صدعت (وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) نسف البناء قلعها ونسف الجبال دكّها (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) وقرئ وقتت على الأصل اى عيّنت يعنى وقت حضورها للشّهادة أو للبشارة والتّخويف أو بلغ وقت ظهورها حين ظهور القائم أو القيامة (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) استفهام للتّعجيب والتّفخيم وجواب لاذا بتقدير القول ، أو حال عن الرّسل (ع) بتقدير القول ، أو استيناف بتقدير استفهام كأنّه تعالى : قال أتدري لاىّ يوم اجّلت؟ (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) اجّلت جواب من الله تعالى (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) جواب للاستفهام بتقدير القول أو جواب لسؤال مقدّر بتقدير القول اى يقال فيه : ويل يومئذ للمكذّبين ، أو جواب لسؤال مقدّر بدون تقدير القول كأنّه قيل : ما حال النّاس فيه؟ ـ فقال : ويل يومئذ للمكذّبين (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) جواب سؤال مقدّر كأنّه قيل : ما تفعل بهم في الدّنيا؟ ـ فقال : نفعل بهم ما فعلنا بالاوّلين الم نهلك الاوّلين كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) من المجرمين قرئ برفع نتبعهم عطفا على الم نهلك ، وقرئ بالجزم عطفا على نهلك والمعنى الم نهلك الاوّلين من قوم نوح وعاد وثمود ، ثمّ لم نتبعهم الآخرين من قوم لوط وشعيب وفرعون (كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) من قومك يا محمّد (ص) (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) لمّا كان التّكرير والتّأكيد والتّهديد والتّغليظ مطلوبا في مقام السّخط كرّر هذه الكلمة (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ) تعداد للنّعم الّتى تدلّ على كمال الاهتمام بهم وعدم إهمالهم من غير ثواب وعقاب (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) قذر (فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنا) فسوّيناكم (فَنِعْمَ الْقادِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) كفته يكفته صرفه عن وجهه ، وكفت الشّيء