نباتا ذا حبّ (وَعِنَباً) خصّه من بين الفواكه لكثرة منافعه (وَقَضْباً) القضب جمع القضبة وهي ما أكل من النّبات المقتضب غضّا (وَزَيْتُوناً) شجر الزّيتون (وَنَخْلاً) تخصيصهما من بين الأشجار بالذّكر لكثرة منافعهما كالعنب (وَحَدائِقَ غُلْباً) جمع الغلباء الحديقة المتكائفة (وَفاكِهَةً) وسائر أنواع الفواكه (وَأَبًّا) الكلأ والمرعى وما أنبتت الأرض (مَتاعاً) هو بمعنى التّمتيع أو بمعنى التّمتّع مفعول له أو منصوب بنزع الخافض أو مفعول مطلق لمحذوف هو حال ، أو بمعنى ما يتمتّع به فيكون حينئذ حالا (لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) فكيف نهملكم بعد ما بلّغناكم من ادنى مراتب وجودكم وهو مقام كونكم نطفة قذرة الى أعلى مقاماتكم وهو مقام روحانيّتكم ومشاركتكم للملائكة بل نبعثكم الى عالم أعلى من عالمكم (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) الصّخّ الضّرب بشيء صلب على مصمت ، والصّاخّة صيحة تصمّ الأسماع لشدّتها والقيامة والدّاهية ، والكلّ مناسب هاهنا (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) يوم الموت أو يوم القيامة الكبرى (وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ) تأكيد ليوم يفرّ المرء من أخيه وهو متعلّق بيغنيه أو يوم يفرّ المرء من أخيه ظرف لجاءت أو لمحذوف اى اذكر ويومئذ متعلّق بيغنيه (شَأْنٌ يُغْنِيهِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) مشرقة (ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) لما رأته ممّا اعدّ الله لها (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ) الغبرة محرّكة الغبار (تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) تغشيها كدرة وسواد من هول القيامة والقتر والقترة محرّكتين والقترة بالفتح والسّكون الغبار أو التّلطخ بالغبار ، وقيل : الغبرة ما انحطّ من السّماء الى الأرض ، والقترة ما ارتفعت من الأرض الى السّماء ، وهذا مناسب لتأدية اللّفظين بقوله : عليها غبرة ترهقها قترة (أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ) في علومهم (الْفَجَرَةُ) في أعمالهم فهم النّاقصون في قوّتيهم العلّامة والعمّالة.
سورة التّكوير
مكّيّة كلّها ، تسع وعشرون آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) التّكوير التّلفيف على التّدوير والصّرع ، كوّره صرعة ، وكوّر المتاع جمعه وشدّه ، والتّكوّر التّقطّر والتّشمّر والسّقوط ، والكلّ مناسب هاهنا ، والمراد بوقت تكوير الشّمس وقت الموت وظهور آثار الآخرة ، أو وقت القيامة الكبرى (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) بذهاب ضوئها (وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) باندكاكها وانتثارها أو بسيرها في الأصقاع فانّك ترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرّ مرّ السّحاب بتجدّدها في جوهرها ، وهكذا حال جبال الانّيّات (وَإِذَا الْعِشارُ) جمع العشراء وهي النّاقة الّتى أتت عليها من حملها عشرة أشهر ، وتسمّى بهذا الاسم بعد وضعها وهي أنفس مال عند العرب (عُطِّلَتْ) وأهملت بلا راع (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) اى وحوش العالم الصّغير عند الموت ووحوش العالم الكبير في القيامة (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) سجّر التّنوّر أحماه ، والنّهر ملأه والماء في حلقه صبّه ، والمسجور البحر ، وتسجير الماء تفجيره ، فقيل: المعنى إذا البحار أرسل مالحها