(وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) الّذى هو القيامة الكبرى للرّوح الانسانيّة الّتى لا تكون الّا بالفناء التّامّ (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) نكّرهما للاشعار بانّ الشّاهد لمقام الاحديّة لا يمكن معرفته ، والمشهود الّذى هو مقام الاحديّة أيضا لا يعرف وقد فسّر الشّاهد بيوم الجمعة والمشهود بيوم عرفة ، أو بيوم القيامة ، وفسّر الشّاهد بمحمّد (ص) والمشهود بيوم القيامة وفسّرا بالنّبىّ (ص) وأمير المؤمنين (ع) ، وبالملك ويوم القيامة ، وبنبىّ كلّ زمان وأمّته ، وبمحمّد (ص) وجميع الخلق ، وبهذه الامّة وسائر الأمم ، وبأعضاء بنى آدم وأنفسهم ، وبالحجر الأسود والحجّاج ، وبالايّام وبنى آدم ، وبالأنبياء ومحمّد (ص) ، وبالله ولا اله الّا الله ، وبالخلق والحقّ (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) جواب للقسم أو جملة دعائيّة معترضة بين القسم وجوابه أو خبريّة معترضة واخبار عن حال الكفّار الّذين احرقوا المؤمنين أو اخبار عن حال المؤمنين الّذين احرقوا في الأخدود.
ذكر حكاية أصحاب الأخدود
وذكر حكاية أصحاب الأخدود في روايات الخاصّة والعامّة باختلاف ، فانّه روى عن رسول الله (ص) انّه كان ملك وكان له ساحر فلمّا مرض السّاحر قال : ادفع الىّ غلاما اعلّمه السّحر ، فدفع اليه غلاما وكان بينه وبين السّاحر راهب فمرّ الغلام بالرّاهب فافتتن به فبينما هو كذلك قد حبس النّاس حيّة ، فقال : اليوم اعلم امر السّاحر والرّاهب فأخذ حجرا فقال : اللهمّ ان كان امر الرّاهب احبّ إليك فاقتل هذه الحيّة فقتلها ومضى النّاس فأخبر بذلك الرّاهب ، فقال : يا بنىّ انّك ستبتلى فلا تدلّ علىّ ، وجعل يداوي النّاس ويبرئ الأكمه والأبرص فعمي جليس الملك فأتاه وحمل اليه مالا كثيرا فقال : اشفني ولك ما هاهنا ، فقال : انّ الله يشفى فان امنت بالله دعوت الله فآمن فدعا الله فشفاه ، فجلس الى الملك فقال : من شفاك؟ ـ قال : ربّى ، قال : انا؟ ـ قال : لا ، ربّى وربّك الله ، فأخذه ولم يزل به حتّى دلّه على الغلام ، فأخذه فلم يزل به حتّى دلّه على الرّاهب ، فوضع المنشار عليه فنشره شقّين وقال للغلام : ارجع عن دينك ، فأبى ، فأمر ان يصعدوا به الى جبل كذا فان رجع والّا يدهدهوه ، ففعل به ، فلمّا صعدوا به الجبل قال : اللهمّ اكفنيهم ، فكفاه الله واهلكهم ، فرجع الى الملك وقال : كفانيهم الله ، فقال : اذهبوا به فأغرقوه في البحر ، فكفاه الله تعالى وأغرقهم ، فجاء الى الملك وقال : كفانيهم الله ، وقال : انّك لست بقاتلي حتّى تفعل بى ما آمرك ، اجمع النّاس ثمّ اصلبني على جذع ثمّ خذ سهما من كنانتي ثمّ ضعه على كبد القوس ، ثمّ قل : باسم ربّ الغلام فانّك ستقتلني ، ففعل به ما قال فوقع السّهم في صدغه ومات ، فقال النّاس : آمنّا بربّ الغلام ، فقيل له : أرأيت ما كنت تخاف قد نزل بك : آمن النّاس بربّ الغلام فأمر بالأخدود فخدّت على أفواه السّكك ثمّ أضرمها نارا فقال : من رجع عن دينه فدعوه ، ومن ابى فأقمحموه فيها ، وجاءت امرأة بابن لها فقال لها يا أمّه اصبري فانّك على الحقّ ، فلمّا رأى النّاس ذلك اشتدّ ثبات المؤمنين وشوق سائر النّاس الى دين الغلام. ونسب الى أمير المؤمنين (ع) انّ ملكا سكر فوقع على ابنته أو قال على أخته ، فلمّا أفاق قال لها : كيف المخرج ممّا وقعت فيه؟ ـ قالت : تجمع أهل مملكتك وتخبرهم انّك ترى نكاح البنات وتأمرهم ان يحلّوه ، فجمعهم فأخبرهم ، فأبوا ان يتابعوه فخدّ لهم أخدودا في الأرض وأوقد فيه النّيران وعرضهم عليها ، فمن أبى قذفه في النّار ومن أجاب خلّى سبيله ، ونسب الى أمير المؤمنين (ع) انّ الله بعث رجلا حبشيّا نبيّا فكذّبوه قومه فقاتلهم فقتلوا أصحابه وأسروه ثمّ بنوا له حيّزا ثمّ ملئوه نارا ثمّ جمعوا النّاس وقالوا : من كان على ديننا وأمرنا فليعتزل ، ومن كان على دين هؤلاء فليرم نفسه في النّار معه ، فجعل أصحابه يتهافتون في النّار فجاءت امرأة ومعها صبىّ ابن شهر فتكلّم الصّبىّ كما سبق ، وروى عن علىّ (ع) أيضا : انّ أصحاب الأخدود كانوا عشرة وعلى مثالهم عشرة يقتلون في هذا السّوق يعنى سوق الكوفة ، وقيل انّ يوسف بن ذي نواس الحميرىّ سمع انّ بنجران اليمن جمعا على دين عيسى (ع) فسار إليهم وحملهم على التّهوّد فأبوا فخدّ لهم في الأرض وأوقد وعرضهم عليها ، فمن رجع عن دين عيسى سلم ومن لم يرجع كان يلقى في النّار ، وإذا امرأة جاءت مع ابن لها فتكلّم الصّبىّ