إصلاح النّطفة في الرّجل والثّديان في المرأة قال يخرج من بين صلب الرّجل وبين ترائب المرأة ، أو المقصود انّ النّطفة تخرج من أجواف الرّجل والمرأة وهي محلّ كثافات البدن ، أو المنظور انّ الصّلب والتّرائب في الرّجل والمرأة ادخل في إصلاح النّطفة فكأنّه تخرج النّطفة من بين صلب الرّجل ومن بين ترائبه ، ومن بين صلب المرأة ومن بين ترائبها (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : إذا كان خلقه من ماء ضعيف قذر فهل يقدر على رجوعه؟ ـ فقال : انّه على رجعه لقادر (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) اى تختبر كلّ سريرة هل هي خالصة أو مغشوشة؟ والمراد بالسّرائر امّا الأعمال القالبيّة فانّها سرائر من حيث الخلوص والشّوب ، ومن حيث المبادى والغايات ، أو الفعليّات الحاصلة للنّفس منها ، أو النّيّات ، أو مكمونات النّفوس الّتى لا يعلمها صاحبوا النّفوس ، والظّرف متعلّق بقادر دون رجعه للفصل بينه وبينه بالأجنبيّ ، أو متعلّق بمحذوف بقرينة قوله (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) يعنى لم يكن له في ذلك اليوم قوّة يدفع بها عن نفسه العذاب ، ولا ناصر ينصره من بأس الله (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) اى ذات الرّجوع الى وصفه الاوّل فانّها ليست في وضع الّا وترجع اليه في ثانى الحال ، أو ذات المطر ، أو ذات الشّمس والقمر والنّجوم فانّها في الرّجع دائما أو ذات الخير الدّائم فانّها ترجع به على الاتّصال على أهل العالم (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) بالنّبات والأشجار (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) اى القرآن أو امر الرّسالة أو امر الولاية أو الرّسول (ص) أو علىّ (ع) قول فاصل بين الحقّ والباطل ، أو المحقّ والمبطل ، أو القول بالبعث والجزاء قول مقطوع به (وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) اى هو جدّ وليس مزاحا (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً) عظيما والجملة جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : فما يفعل هؤلاء بالنّسبة الى هذا القول؟ ـ (وَأَكِيدُ كَيْداً) عظيما فاذا كنت اكيد كيدا عظيما بهم (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ) وضع الظّاهر موضع المضمر لتفضيحهم (أَمْهِلْهُمْ) تأكيد لمهّل ، والإتيان بمهّل وتأكيده بأمهل للاشعار بتعمّله (ص) في إمهالهم (رُوَيْداً) مفعول مطلق نوعىّ من غير لفظ الفعل والمعنى امهلهم امهالا يسيرا.
سورة الأعلى
مكّيّة ، وقيل : مدنيّة ، تسع عشرة آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) الأعلى صفة للاسم أو لربّك ، والرّبّ تطلق على النّفس الانسانيّة الّتى تربّى البدن ، وعلى العقل الّذى يربّى النّفس والبدن ، وعلى ولىّ الأمر الّذى يربّى النّاس بحسب الظّاهر أو الباطن ، وهو الرّبّ في الولاية ، وعلى ربّ الأرباب وليس المراد باسم الرّبّ اسمه اللّفظىّ بل اسمه العينىّ وأسماؤه العينيّة ذات مراتب من مراتب اللّطيفة الانسانيّة ومراتب الأنبياء والأوصياء (ع) ، ومن مراتب العقول والنّفوس وسائر الموجودات وأعلى أسمائه الاسم الجامع الّذى يعبّر عنه بالمشيّة ، وأعلى أربابه المطلق هو ربّ الأرباب ، وأعلى أربابه المضاف سائر مراتب أربابه ، وقد سبق مكرّرا انّ المراد بالتّسبيح سواء كان متعلّقا بالله أو بالرّبّ أو باسم الرّبّ تنزيه اللّطيفة الانسانيّة عن التّدنّس بالادناس الحيوانيّة والشّيطانيّة فانّها ربّ بوجه ومظهر لله فكانت هي الله بوجه واسما لله وللرّبّ بوجه (الَّذِي خَلَقَ) صفة للرّبّ أو لاسم الرّبّ فانّ أسماءه العينيّة وسائط خلقه وخالقون باذنه (فَسَوَّى) فجعل