مقدّر (مَنْ تَزَكَّى) اى تطهّر أو نما ، أو أدّى زكوة ماله (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) اى اجرى على لسانه اسم ربّه المضاف وهو ربّه في الولاية وهو الرّسول أو خليفته (فَصَلَّى) عليه اى قال اللهمّ صلّ عليه ، أو قال صلوات الله عليه ، أو تذكّر اسم ربّه المطلق اسمه النّقشىّ القلبىّ ، أو اسمه المثالىّ الخيالىّ ، أو اسمه العينىّ ، فصلّى عليه أو صلّى الصّلوة الفريضة ، أو صلّى الصّلوة المطلقة ، أو توجّه الى جهة الغيب واستكمل بذلك ، أو ذكر اسم ربّه بالتّكبيرات الواردة قبل صلوة العيدين فصلّى صلوة العيدين ، أو ذكر اسم ربّه في التّكبيرة الافتتاحيّة فعقد صلوته بها ، أو ذكر اسم ربّه بان جعل امامه نصب عينه فصلّى كما ورد وقت تكبيرة الإحرام : تذكّر رسول الله (ص) واجعل واحدا من الائمّة نصب عينك (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) يعنى لكنّكم لا تفعلون ذلك بل تؤثرون الحيوة الدّنيا وتدعون الفلاح والصّلوة (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ) من الدّنيا يعنى على زعمكم انّ الدّنيا لها حسن أو بحسب الواقع فانّ الدّنيا باعتبار انّها مزرعة الآخرة كان لها محاسن عديدة (وَأَبْقى إِنَّ هذا) اى فلاح من تزكّى وذكر اسم ربّه فصلّى ، أو كون الآخرة خيرا وأبقى (لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) عن ابى ذرّ رحمهالله انّه سأل رسول الله (ص) كم انزل الله من كتاب؟ ـ قال : مائة كتاب واربعة كتب ، فأنزل الله على شيث خمسين صحيفة ، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة ، فانزل التّوراة والإنجيل والزّبور والفرقان ، قال : قلت : يا رسول الله (ص) وما كان صحف إبراهيم (ع)؟ ـ قال : كانت أمثالا كلّها ، وكان فيها : ايّها الملك المبتلى المغرور انّى لم أبعثك لتجمع الدّنيا بعضها الى بعض ولكنّى بعثتك لتردّ عنّى دعوة المظلوم فانّى لا أردّها وان كانت من كافر ، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا ان يكون له ثلاث ساعات ، ساعة يناجي ربّه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكّر فيما صنع الله عزوجل اليه ، وساعة يخلو فيها بحظّ نفسه من الحلال فانّ هذه السّاعة عون لتلك السّاعات ، واستجمام للقلوب وتوديع لها ، وعلى العاقل ان يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شانه ، حافظا للسانه ، فانّ من حسب كلامه من عمله قلّ كلامه الّا فيما يعنيه ، وعلى العاقل ان يكون طالبا لثلاث ، مرمّة لمعاش ، وتزوّد لمعاد ، وتلذّذ في غير محرّم (الى ان قال) قلت : فهل في أيدينا ممّا انزل الله عليك شيء ممّا كان في صحف إبراهيم (ع) وموسى (ع)؟ ـ قال : يا أبا ذرّ اقرء : قد أفلح من تزكّى الى آخر السّورة.
سورة الغاشية
ستّ وعشرون آية مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) الاستفهام للتّقرير والخطاب له (ص) والمقصود تذكير غيره والغاشية الدّاهيّة الّتى تعمّ افراد النّاس ، أو تعمّ جميع أعضاء الإنسان واجزائه ، والمراد بها شدائد القيامة أو نفس يوم القيامة أو شدائد جهنّم (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) ذليلة من العذاب (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) صفتان لوجوه ، أو هما خبران بعد خبر والمراد بالوجوه وجوه الأبدان أو أشراف النّاس ، والمعنى وجوه كانت في الدّنيا عاملة أعمالا يحسبون انّها حسنات لها وكانت ناصبة في أعمالها يومئذ خاشعة ذليلة لا ينفعها عملها ونصبها في عملها ، لانّهم كانوا أصحاب آراء وأهواء ،