(وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) طحا كسعى بسط وانبسط واضطجع ، وطحا يطحو بعد وهلك ، والقى إنسانا على وجهه (وَنَفْسٍ) كان اللّائق بسياق الكلام ان يقول والنّفس بلام الجنس لكنّه عدل عنه امّا لتفخيم النّفس بالنّسبة الى السّابق ، أو لارادة نفس مخصوصة مفخّمة بحيث لا يمكن تعريفه وهي النّفس الكلّيّة أو نفس النّبىّ (ص) أو الولىّ (ع) أو نفس محمّد (ص) أو علىّ (ع) ، أو لارادة نوع مخصوص منها عظيم وهو نوع نفس الإنسان (وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) يعنى القى في خاطرها فعل فجورها أو ألهمها معرفة فجورها حتّى تجتنب ومعرفة تقويها حتّى ترتكب (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) أنماها وأصلحها أو طهّرها (وَقَدْ خابَ) خسر ، أو كفر ، أو افتقر ، أوجاع (مَنْ دَسَّاها) دسا يدسو نقيض زكى وبمعنى استخفى ، ودسى مثل سعى من اليائىّ ضدّ زكا أيضا ، ودسّاه من التّفعيل أغواه وأفسده ، وقيل : قد خاب من دسّى نفسه في أهل الخير اى أخفيها فيهم وليس منهم (كَذَّبَتْ ثَمُودُ) جواب سؤال مقدّر واستشهاد على خيبة من دسّى نفسه (بِطَغْواها) الباء للسّببيّة ، والطّغوى بمعنى الطّغيان والعصيان ، وقيل : الباء صلة كذّبت والطّغوى اسم للعذاب الّذى نزل بهم (إِذِ انْبَعَثَ) اى نهض لعقر النّاقة (أَشْقاها) اى أشقى ثمود واسمه قدار كهمام وكان اسم أبيه سالفا قال رسول الله (ص) لعلىّ بن ابى طالب (ع): من أشقى الاوّلين؟ ـ قال : عاقر النّاقة ، قال : صدقت ، فمن أشقى الآخرين؟ ـ قال : قلت : لا اعلم يا رسول الله (ص) ، قال : الّذى يضربك على هذه ، وأشار الى يافوخه (١) (فَقالَ لَهُمْ) الاولى ان يكون الفاء للسّببيّة الخالصة (رَسُولُ اللهِ) اى صالح (ع) (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) منصوب من باب التّحذير أو الإغراء ، أو منصوب بفعل محذوف من غير باب التّحذير والإغراء اى اتركوا ، والمراد بسقيها نوبة شربها أو الماء الّذى كانت تشربها بالنّوبة (فَكَذَّبُوهُ) في رسالته ، أو في التّحذير والإغراء ، أو في نزول العذاب (فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ) دمّه طلاه ، والبيت جصّصه ، والسّفينة قيّرها ، والأرض سوّاها ، وفلانا عذّبه عذابا تامّا وشدخ رأسه وشجّه وضربه ، والقوم طحنهم فأهلكهم كدمدمهم ودمدم عليهم (فَسَوَّاها) اى سوّى الدمدمة عليهم وعمّهم بها ، أو سوّى ثمود في الدّمدمة بان عمّهم بها ، أو بان سوّى بعضهم ببعضهم بان جعل كبيرهم على مقدار صغيرهم (وَلا يَخافُ عُقْباها) اى لا يخاف الله عقبى الدّمدمة ، أو عقبى التّسوية لانّه لا يردّ عليه شيء من فعله لانّه لا يعارضه أحد ولا ينتقم منه أحد أو لا يخاف العاقر عقبى فعلته ، أو لا يخاف صالح عقبى العقوبات الّتى خوّفهم بها لكونه على ثقة من ربّه في نجاته ، أو لا يخاف عقبى دعوته على القوم وتبعتها ، لانّ دعوته على القوم كانت بإذن من الله واستحقاق منهم.
سورة واللّيل
مكّيّة ، احدى وعشرون آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) بظلمته نور الشّمس والأبصار ، وببرودته المدارك والرّوح الحيوانيّة والنّفسانيّة حتّى تجتمعا في الباطن ، أو يغشى النّاس بالنّوم ، أو اقسم بليل الطّبع أو النّفس أو البلايا ، أو ليل القدر إذا يغشى اهله
__________________
(١) اليافوخ الموضع الّذى يتحرّك من رأس الطّفل.