بالواحد عشر الى مائة الف فما زاد فسنيسّره لليسرى لا يريد شيئا من الخير الّا يسّر له ، (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) قال : والله ما تردّى من جبل ولا من حائط ولا في بئر ولكن تردّى في نار جهنّم ، وعنه (ع) فامّا من أعطى واتّقى وآثر بقوته ، وصام حتّى وفي بنذره ، وتصدّق بخاتمه وهو راكع ، وآثر المقداد بالدّينار على نفسه ، وصدّق بالحسنى وهي الجنّة والثّواب من الله فسنيسّره لذلك بان جعله إماما في الخير وقدوة وأبا للائمّة يسّره الله لليسرى (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : أليس لله صنع في الإعطاء والبخل حتّى نسب تلك الأفعال الى العباد بالاستقلال؟ ـ فقال : ليس علينا الّا الهدى وإراءة طريق الخير والشّرّ (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) مبدء وغاية وملكا فنعطى منهما ما نشاء لمن نشاء (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ) بالولاية (وَتَوَلَّى) عنها ، أو كذّب بالآخرة ، أو بالرّسالة (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) اى سيجعل منها على جانب أو بعد (الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) استثناء منقطع أو استثناء متّصل من محذوف جواب لسؤال مقدّر اى لا يؤتى ماله الّا ابتغاء وجه ربّه الأعلى (وَلَسَوْفَ يَرْضى) ان كانت الآيات نزلت في رجل خاصّ فالمعنى عامّ والأصل في من أعطى واتّقى علىّ (ع) ، وفي من بخل واستغنى هو عدوّه ، وقيل : المراد بمن أعطى ابو بكر حيث اشترى بلالا في جماعة من المشركين كانوا يؤذونه فأعتقه ، والمراد بالأشقى ابو جهل وأميّة بن خلف.
سورة والضّحى
احدى عشرة آية ، مكّيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالضُّحى) وقت ارتفاع الشّمس أو النّهار تماما بقرينة قوله تعالى (وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) أو ضوء النّهار وقدّم الضّحى هاهنا لانّ الخطاب هاهنا لمحمّد (ص) والمقدّم في نظره ضحى عالم الأرواح بخلاف السّورة السّابقة فانّ المخاطب فيها من كان سعيهم شتّى والغالب عليهم التّقيّد بعالم الطّبع الظّلمانىّ وسجي سجوّا سكن اهله أو ركد ظلامه (ما وَدَّعَكَ) قرئ بالتّشديد وبالتّخفيف اى ما تركك (رَبُّكَ وَما قَلى) اى ما أبغضك ، عن الباقر (ع) انّ جبرئيل ابطأ على رسول الله (ص) وانّه كانت اوّل سورة نزلت : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ثمّ ابطأ عليه فقالت خديجة : لعلّ ربّك قد تركك فلا يرسل إليك؟! فأنزل الله تبارك وتعالى : ما ودّعك ربّك وما قلى ، وفي حديث : انّ الوحي قد احتبس عنه ايّاما فقال المشركون : انّ محمّدا (ص) ودّعه ربّه ، وقيل : انّ اليهود سألوا محمّدا (ص) عن ذي القرنين وأصحاب الكهف فقال (ص) : أخبركم غدا ولم يستثن فاحتبس الوحي واغتمّ لشماتة الأعداء ، فنزلت تسلية (وَلَلْآخِرَةُ) اى الدّار الآخرة (خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) اى الدّنيا أو الكرّة الآخرة من جبرئيل في الوحي عليك خير لك من المرّة الاولى (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) اى سوف يعطيك في الدّنيا أو في الآخرة ما يحصل لك به مقام الرّضا أو ما يحصل لك الرّضا به ، وقد فسّر المعطى بالشّفاعة الكبرى ولذلك ورد انّ هذه