في حقّى أو في حقّ علىّ (ع)؟ ـ فقال تعالى تسلية له : ما يقال لك (إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) فيغفر لهم كثير أقوالهم ولا يؤاخذهم بما يقولون فتأسّ بهم واغفر لهم (وَذُو عِقابٍ) فيؤاخذهم بمعاصيهم فلا تعجل لمؤاخذتهم (أَلِيمٍ وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) كأنّهم قالوا بينهم أو لمحمّد (ص) : لو كان من عند الله لكان بلسان مغاير للسان البشر ، وقد قيل : انّه جواب لقولهم هلّا نزل هذا القرآن بلغة العجم؟ (لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) يعنى لو لا نزلت بلغتنا حتّى نفهمه؟ (ءَ أَعْجَمِيٌ) يعنى لقالواءاعجمىّ؟ (وَ) المخاطب ، أو المنزل عليه (عَرَبِيٌ) والاعجمىّ هو الّذى لا يفهم كلامه ، ويقال لكلامه أيضا أعجميّ وقرئ أعجميّ بفتح العين وهمزة واحدة (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ) من حيث سماع المعنى والاعراض منه (وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) غير مفهوم لهم يقول للكلام الّذى لا يفهم معناه عمى ومعمّى (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) يعنى هذه الفرقة ينادون بهذا الكتاب من مكان بعيد لا يصل النّداء إليهم لانّ الكتاب نزل من مقام عال الى صدر منشرح بالإسلام وهؤلاء في غاية البعد من مقام الصدر المنشرح بالإسلام لو غولهم في البهيميّة والسّبعيّة والشّيطنة (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) بالرّدّ والقبول والعمل فيه وترك العمل والعمل ببعضه وترك بعضه كما اختلف قومك في كتابك (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بالامهال الى مدّة معيّنة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) اى بين المختلفين من قوم موسى (ع) أو بين قومك (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) من القرآن أو من كتاب موسى (ع) (مُرِيبٍ مَنْ عَمِلَ صالِحاً) اىّ صالح كان ، أو صالحا عظيما هو الولاية والبيعة الخاصّة (فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ) اى عمل سيّئة (فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) اى بذي ظلم يعنى لا يفعل بهم ما لا يستحقّونه.
الجزء الخامس والعشرون
بقية السورة حم السجدة (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) قد فسّر السّاعة بحين الموت وبالقيامة وبظهور القائم (ع) والكلّ واحد على التّحقيق وعلم ذلك مختصّ به تعالى وامّا قولهم (ع): عندنا علم البلايا والمنايا ، فهم في ذلك إلهيّون لا بشريّون (وَما تَخْرُجُ) ما موصولة معطوفة على علم السّاعة أو نافية والجملة معطوفة على جملة اليه يردّ علم السّاعة (مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها) جمع الكمّ بالكسر وهو أو الكمامة وعاء الطّلع وغطاء النّور (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) وعلم من يعلم ذلك من افراد البشر من علمه تعالى (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) متعلّق بمحذوف اى اذكر أو ذكّرهم أو متعلّق بقالوا (أَيْنَ شُرَكائِي) الّذين جعلتموهم شركائى في الوجوب أو في العبادة أو في الطّاعة أو أين شركائى بحسب مظاهري وخلفائي من مقابلي علىّ (ع) (قالُوا آذَنَّاكَ) أعلمناك بضلالهم عنّا أو ببراءتنا منهم أو قوله تعالى (ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) مفعولاه معلّق عنهما العامل والمعنى ما منّا شاهد يشهد لهم بالشّراكة ، أو ما منّا أحد يشاهدهم لضلالهم عنّا ، أو أنكروا اشراكهم وقالوا : ما كان أحد منّا يشهد بشركهم في الدّنيا (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ) من الأصنام والكواكب وائمّة الضّلال ومطلق الرّؤساء (وَظَنُّوا) اى أيقنوا (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) مهرب (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ) الجملة منقطعة عن سابقها لفظا ومعنى ، أو جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : لم ظنّوا ذلك؟