مبيّنة المعنى والمقصود ، أو غير ما يتطرّق فيه النّسخ ، أو عزيمة أحكامها لارخص (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ) يعنى ذكر فيها الحكم بالقتال على سبيل العزيمة (رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) الّذين هم بعض السّائلين أو رأيت السّائلين لكنّه وضع الظّاهر موضع المضمر لذمّهم وبيان علّة الحكم ، أو رأيت الّذين في قلوبهم مرض وهم غير السّائلين (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) لشدّة خوفهم ودهشتهم (فَأَوْلى لَهُمْ) كلمة تهديد وزجر كأنّه نقل من أصله وصار من قبيل أسماء الأصوات ، أو من قبيل الأمثال لا يغيّر وكان في الأصل فعلا من الولي بمعنى القرب ، أو من آل بمعنى رجع مقلوبا أو وصفا منهما ، أو من الويل ، أو بمعنى أحرى ، وسيجيء تفصيله في سورة القيامة وعلى هذا فهو خبر وقوله تعالى (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) مبتدءه ، أو طاعة مبتدء خبره محذوف اى خير ، وقرئ يقولون طاعة ، وحينئذ يكون المعنى يقولون لنا طاعة وقول معروف (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) عزموا على الأمر جدّوا فيه وقطعوا على فعله وعزم الأمر بمعنى عزم عليه (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) فيما قالوا لو لا انزل سورة اى فيما يستفاد منه من الحرص على الجهاد أو في مطلق ما قالوا وأقرّوا بلسانهم من الايمان والتّصديق بالله والرّسول (ص) وقبول الأحكام ، أو فيما اقرّوا به من إمارة علىّ (ع) والتّسليم عليه بإمرة المؤمنين (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) ممّا يزعمونه خيرا من ايّام الدّنيا وتمتّعاتها (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عن علىّ (ع) أو ان تولّيتم أمور النّاس ، وقرئ ان تولّيتم بالبناء للمفعول اى ان تولّاكم النّاس (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) يعنى ان تولّيتم لم يكن لكم شأن سوى الإفساد فينبغي لكم ان لا ترجوا غيره حين التّولّى (وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) الصّوريّة والمعنويّة (أُولئِكَ) التفات من الخطاب الى الغيبة (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) يعنى اصمّم عن ادراك الجهة الاخرويّة من المسموعات وأعمى أبصارهم كذلك (أَ) يقدرون على التّأمّل في الآيات والقرآن (فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) فلا يقدرون على التّدبّر ، ونكّر القلوب مع انّ المناسب ان يقول أم على قلوبهم للاشعار بانّ القلوب الّتى عليها أقفالها كأنّها ليست قلوب الإنسان فلا يضاف إليهم ، أو انّها لغاية حقارتها كأنّها لا يمكن ان تعرّف ، واضافة الأقفال الى القلوب للاشارة الى انّ أقفال القلوب من سنخ القلوب لا من جنس الأقفال الصّوريّة وقد مضى في اوّل البقرة انّ لكلّ من القلوب روزنة الى الملكوت العليا وروزنة الى الملكوت السّفلى ، وباعتبار لكلّ باب الى الملكوت العليا ، وباب الى الملكوت السّفلى ، وإذا انفتح كلّ من البابين أغلق الآخر (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ) شبّه السّالك على طريق الدّين بمن سلك طريقا ، والرّاجع عن الدّين بمن ارتدّ عن الطّريق على دبره وهذا حال المسلمين الّذين أسلموا بمحمّد (ص) ثمّ خالفوه في أوامره (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى) بقول الله وقول رسوله والمراد بالهدى الولاية وطريقها وقد بيّنها الله تعالى في عدّة آيات وبيّنها رسول الله (ص) في عدّة مواضع ، وقد ورد في خبر انّه (ص) أخذ البيعة منهم في عشرة مواطن وفي خبر آخر : أخذ البيعة عنهم يوم الغدير ثلاث مرّات (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) أمليت له في غيّه أطلت ، والبعير وسعت له في قيده ، واملى الله له أمهله (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) في علىّ (ع) وخلافته (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) قرئ مصدرا وجمعا ، قال الصّادق (ع): فلان وفلان ارتدّوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين (ع) قال : نزلت والله فيهما وفي اتباعهما وهو قول الله عزوجل الّذى نزّل به جبرئيل على محمّد (ص) ذلك بأنّهم قالوا للّذين كرهوا ما نزّل الله في علىّ (ع) سنطيعكم في بعض الأمر قال : دعوا بنى أميّة الى ميثاقهم الّا يصيروا الأمر فينا بعد النّبىّ (ص) ولا يعطونا من الخمس شيئا