عنهم (وَكانَ ذلِكَ) الإدخال والتّكفير (عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ) الّذين نافقوا مع محمّد (ص) أو في حقّ علىّ (ع) (وَالْمُشْرِكِينَ) بالله أو بالرّسول أو بالولاية وهو المنظور اليه (وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ) وهو ظنّ انّه لا ينصر رسوله في سفره الى مكّة (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) الّتى تظنّونها للمؤمنين من هلاكهم بأيدى قريش ، قال القمّىّ : وهم الّذين أنكروا الصّلح واتّهموا رسول الله (ص) (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) كرّره تقوية لقلوب المؤمنين وتخييبا لظنّ المنافقين (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) لا يغلب على ما يريد (حَكِيماً) لا يفعل الّا ما فيه صلاح المؤمنين ولا ينظر الى اهوية المؤمنين أو المنافقين (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) جواب سؤال عن علّة إدخال المؤمنين الجنّات ، وتعذيب المنافقين غاية لمغفرة ذنوب المؤمنين الّتى هي غاية للفتح المبين كانّه قيل : لم يدخل الله المؤمنين الجنّات ويعذّب المنافقين بسبب الفتح المبين للنّبىّ (ص)؟ ـ فقال : لانّا أرسلناك ايّها النّبىّ (ص) (شاهِداً) عليهم بحالك وقالك ، فمن اتّصل بك تشهد له فيدخل الجنّة ، ومن لم يتّصل بك تشهد عليه فيعذّب (وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) للمؤمنين والكافرين (لِتُؤْمِنُوا) صرف الخطاب عنه (ع) الى أمّته للاشارة الى انّ غاية الإرسال ايمان المؤمنين (بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ) قرئ من باب الأفعال والتّفعيل والثّلاثىّ المجرّد من باب ضرب ونصر ، وقرئ تعزّزوه بالزّائين المعجمتين (وَتُوَقِّرُوهُ) قرئ من باب التّفعيل والأفعال (وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) جواب سؤال مقدّر في مقام التّعليل ، أو في مقام بيان الحال ، كأنّه قيل : ما حال البائعين مع الرّسول (ص)؟ ـ فقال تعالى : انّ الّذين يبايعونك (إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) لانّك مظهر لله ولا حكم للمظهر حين ظهور الظّاهر فيه وانّما الحكم للظّاهر فقط (يَدُ اللهِ) لا يدك (فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) وقد مضى تفصيل لاخذ البيعة عند قوله الم يعلموا انّ الله هو يقبل التّوبة عن عباده ، وعند قوله انّ الله اشترى من المؤمنين (الآية) من سورة التّوبة وقد ذكر بيان للبيعة في غير هذه السّورة أيضا (فَمَنْ نَكَثَ) نقض البيعة بنقض شروطها وعدم الإتيان بها ، أو بالاعراض عنها وفسخها (فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) لانّ ضرره عائد إليها (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) قرئ بضمّ الهاء في عليه حفظا لتفخيم لفظ الله (فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) لا يمكن ان يوصف ، قال القمّىّ : نزلت الآية في بيعة الرّضوان لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة واشترط عليهم ان لا ينكروا بعد ذلك على رسول الله (ص) شيئا يفعله ولا يخالفوه في شيء يأمرهم به فقال عزوجل بعد نزول آية الرّضوان : انّ الّذين يبايعونك انّما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم (الآية) وانّما رضى الله عنهم بهذا الشّرط ان يفوا بعد ذلك بعهد الله وميثاقه ولا ينقضوا عهده وعقده فبهذا العقد رضى الله عنهم فقدّموا في التّأليف آية الشّرط على آية الرّضوان : وانّما نزلت اوّلا بيعة الرّضوان ثمّ آية الشّرط فيها (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) الّذين استنفرهم رسول الله (ص) عام الحديبيّة فاعتلّوا واعتذروا بالشّغل بأموالهم وأهاليهم وانّما خلّفهم خوفهم من قريش فانّهم قالوا انّ قريشا غزت محمّدا (ص) في عقر داره وهو يريد ان يدخل عليهم ديارهم لا يفلت منهم أحد أبدا (شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا) لتخلّفنا وهذا من الاخبار بالمغيبات (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ