__________________
فاعلم أن النهي عن الصغير والكبير ليسا سواء وإنما نهى الله تعالى عنهما لتتم حجته على خلقه ولئلا يعدل عن أمره ووراء وعيده عفوه وكرمه ، ثم أنشد :
ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي |
|
ولا أختني من صولة المتهدد |
وإن وإن وعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي |
قال عمرو صدقت وقد يمتدح العرب بالوفاء بهما كقولهم لا يخلف الوعد والوعيد ولا يبيت من ثأره على فوت فقد وافق هذا قول الله تعالى (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا) فقال : أبو عمرو قد وافق الأول إخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم والحديث يفسر القرآن وقال الأصمعي كنت إذا رأيت أبا عمرو يتكلم ظننته لا يعرف شيئا كان يتكلم كلاما سهلا وكان له كل يوم بفلس كوز وبفلس ريحان فيشرب بالكوز يوما ويهبه ويأمر الجارية فتدق الريحان إذا جف في الأشنان وقال أبو عبيدة كانت دفاتر أبي عمرو ملء بيت إلى السقف ، ثم تنسك فأحرقها وكان من أشراف العرب ووجوههم وقال الأصمعي قال : أبو عمرو إنما نحن فيمن مضى كبقل في أصول نخل طوال قال : ابن معين أبو عمرو ثقة. وقال أبو حاتم لا بأس به. قلت : ليس له في الكتب الستة شيء وعن أبي عمرو قال : نظرت في هذا العلم قبل أن أختن ولي أربع وثمانون سنة وروى أبو مجاهد عن جعفر بن محمد عن أحمد بن الأسود أن أبا عمرو كان متواريا فدخل عليه الفرزدق ؛ فأنشده :
ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها |
|
حتى أتيت أبا عمرو بن عمار |
حتى أتيت فتى شخما دسيعته |
|
مر المريرة حر وابن أحرار |
تنميهم مازن في فرع نبعتها |
|
جد كريم وعود غير خوار |
قال أبو عبيد : حدثني أبي عبيدة عن أبي عمرو أنه قرأ القرآن على مجاهد وقال بعضهم وعلى سعيد بن جبير قال : ابن مجاهد حدثونا عن محمد بن سلام قال : مر أبو عمرو بمجلس فقال رجل من القوم : ليت شعري من هذا أعرابي أم مولى وهو على بغلة فقال : النسب في مازن والولاء للعنبر وقال عدس للبغلة ومضى قال : ابن مجاهد حدثني بعض أصحابنا عن أبي بكر بن خلاد عن وكيع قال : قرأت على قبر أبي عمرو بالكوفة هذا قبر أبي عمرو بن العلاء مولى بني حنيفة. قلت : لعله ولاء حلف ابن دريد حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال : قال أبو عمرو بن العلاء أنا زدت هذا البيت في أول قصيدة الأعشى وأستغفر الله منه.
وأنكرتني وما كان الذي نكرت |
|
من الحوادث إلا الشيب والصلعا |
قال : الأصمعي وغيره توفي أبو عمرو سنة أربع وخمسين مائة.