أنّها لبثت يوما أو بعض يوم ، إلّاأنّ كافة الشواهد والأوضاع المحيطة بالكهف كانت تشير إلى أنّ الأمر ليس كذلك ، ومن هنا كان هناك ترديد في الموضوع.
ثم إتضحت حقيقة الأمر بعد أنّ قدم أحدهم إلى مدينة قرب الكهف يشتري طعاماً ، فأخبر الجميع بالحقيقة ، ففهموا أنّ حادثة عجيبة قد وقعت ، فلم تكن العملة التي في أيديهم تشير إلى أنّها تعود إلى مئات السنين ، بل طريقة تعاملهم مع أهل المدينة ـ التي غادروها قبيل قرون وقد تبدلت كل العادات والتقاليد والأعراف والحياة السائدة آنذاك ـ إضافة إلى إطلاعهم على تلك القضية التاريخية التي تفيد غياب عصبة من الشباب من ذوي المناصب العالية والتي تبرهن صحة وقوع تلك الحادثة.
كانت تلك الحادثة درساً عظيماً بالنسبة لُاولئك الذين ينظرون بعين الريب والشك إلى موضوع القيامة ، فإن كانت الحياة بعد النوم «أخو الموت» بل كان «نفس الموت» ممكنة ، فإحياء الموتى هو الآخر لا يبدو مستعبداً ، فكانت تلك الحادثة إنعطافة كبيرة في ثقافتهم الدينية ...
وهذا هو الطريق الآخر الذي سلكه القرآن الكريم بهدف إزالة قضية إستبعاد المعاد وتقريبها إلى أذهان عامة الناس : (اذْ آوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مَنْ أَمْرِنَا رَشَداً* فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ في الْكَهْفِ سِنيْنَ عَدَداً * ثُّمَ بَعَثْنَا هُمْ لِنَعْلَمَ أَىُّ الْحِزْبَيْنِ احْصَى لِما لَبِثُوا امَداً* وَكَذلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلُ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمَا اوْ بَعْض يَوْمٍ قَالُوا ربُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُم فَابْعَثُوا احَدَكُمْ بِوَرَقِكُمْ هَذِهِ الَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرُ ايُهَا ازْكى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزُقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَايُشْعِرَنَّ بِكُمْ احَداً. انَّهُمْ انْ يَظْهَرُوا