لا أحد يسعه بيان مقدمة لهذا البحث ، لأنّه وطبق شهادة التاريخ أنّ المصريين ـ واحتمالاً سائر الأقوام ـ قد تعرفوا قبل خمسة آلاف سنة على مسألة الروح ، حتى صرّح العالم الاسلامي المعروف «الآلوسي» أنّ هناك مايقارب الألف قول ونظرية بشأن هذه القضية ، وقد تحدث كل حسب طريقته عن ماهية الروح.
فالإنسان ـ حتى إنسان ما قبل التأريخ ـ يشاهد في عالم النوم عدّةمشاهد وعوالم واسعة لم يرها بعد النوم في محيطه ، وبالنظر إلى هذا الأمرفانّه يشعر بوجود قوّة خفية أودعت وجوده تنشط وتتجلى بصورة حين اليقظة وأخرى حين النوم ، وهو مشغول بممارسة هذا النشاط حتى في حالة سكون أجهزة البدن وارتماء الإنسان في زواية معيّنة ، وقد إصطلح على هذه القوّة بالروح (أو ما يعادلها في اللغات الأخرى).
ثم إحتلت الروح موقع الصدارة في أبحاث الفلاسفة حين أصبحت الفلسفة معرفة مدونة.
وسنرى ـ عمّا قريب إن شاءالله ـ أنّ مسألة النوم هي أحد مفاتيح أبواب عالم الأرواح ، بل سنرى أنّ الرؤيا يمكنها أن ترشدنا إلى عالم الأرواح من جهتين :
الأولى أصل مسألة الرؤيا والمشاهد التي يراها الإنسان في المنام ـ سواءكان لها وجود خارجي أم لا ، وبعبارة أخرى سواء كان لها تعبير أم لم يكن ـ والأخرى كيفية الرؤيا التي يشاهدها الإنسان والتي تزيح الستار أحياناً عن الحوادث الموجودة أو القادمة أو الماضية.
وهنا بالطبع ينبرى البعض من أصحاب الآراء السطحية ليخبرنا بأنّ الرؤيا ليست بالشيء المهم ، فهي هذه المشاهد التي نراها في اليقظة ، كما قد