شطراً من عمره في الجامعات والمختبرات وتفوق في الإمتحانات ، ولا فرق في أن يسخر هذا العلم لخدمة البشرية أو لخدمة القنابل والصواريخ العابرة للقارات أو الرؤوس النووية أو صنع المخدرات ، أو الدفاع عن عصابات اللصوص الدوليين حين يمثلون في المحاكم أو في خدمة المنظمات الإستعمارية والاقتصادية العالمية.
بينما تكتسب هذه الكلمة معنى آخر لدى أولياء الله كعلي (ع) الذي يرى العالم من يقوم على مصالح الناس ويوظف العلم في سبيل نجاة البشريةويتحمل هموم الامة وإلّافليس هو بعالم. (وَمَاأَخَذَ اللهُ عَلَى الْعُلَماءِ الّايُقارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلاسَغَبِ مَظْلُومٍ) (١).
نعم ، فمقياس العلم والشخصية والقيم الإنسانية والسعادة والشقاء مختلف تماماً بين الشعوب وأقوام ، فمحيط عرب الجاهلية الذي يرى الشخصية في السلب والنهب وكثرة الأولاد الذكور إنّما ناتجه حفنة من اللصوص بتعدد الزوجات دون حساب ، أمّا حين أصبح العلم والورع والتقوى هو المقياس بظهور الإسلام فقد تغيّرت الأوضاع كلياً وظهرت حصيلة أخرى تباين سابقتها.
إنّ أحد أهداف رسالات الأنبياء هو منح الضوابط والمعايير الواقعية الصانعة للإنسان ، والآية ٢٥ من سورة الحديد إشارة إلى هذه الحقيقة ، ومن هنا نرى الميزان بوسيلة المعيار المعنوي الذي يشبه الميزان الحسي فقط في النتيجة يعني تعيين الوزن الواقعي ـ جدير بالذكر ورد في إحدى زيارات أميرالمؤمنين علي عليهالسلام : (السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مِيزَانَ الَاعْمَالِ).
فهنا يصبح الإنسان الكامل هو الميزان للأعمال ولكل أن يعلم وزنه
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٣ (الشقشقية).