حين يكون الثواب والعقاب نتيجة وأثر لنفس عمل الإنسان لا يعد هنالك من مجال لطرح مسألة المساواة من حيث الكمية والكيفية ، فربّما كان العمل بظاهره صغيراً وأثره عمراً من الحرمان والعذاب والألم ، ولعله يكون صغيراً ويكون مصدراً للخير والبركة طيلة العمر.
(طبعاً مرادنا من العمل الصغير من حيث المدّة الزمانية وإلّافالأعمال والذنوب التي تؤدّي إلى العذاب الأبدي سوف لن تكون قطعاً صغيرة من حيث الكيفية والأهميّة).
وعليه فإن أحاط الذنب والكفر بجميع كيان الإنسان وتمام وجوده حتى يؤدّي به في نار كفره ونفاقه فلم التعجب من حرمانه من النعم الواسعة في ذلك العالم وخلوده في العذاب والألم؟!
ألم يأته النذير ويحذر من هذا الخطر العظيم؟
بلى ... فقد أنذره الأنبياء من جانب وحذره العقل من جانب آخر.
هل وقع في ذلك دون إرادة وإختيار فابتلى بذلك المصير؟ كلا ، لقد بلغه عن علم وإختيار.
فهل صنع هذا المصير سواه وعمله؟ فكل ما هنالك من آثار عمله ونتائجه ، وعليه فليس هنالك من مجال للشكوى ولا إشكال على أحد ولا من منافاة مع عدل الحق سبحانه.
بقيت قضية واحدة نختتم بها البحث ، فقد قال الصادق عليهالسلام :
(انَّما خُلِّدَ اهْلُ النَّارِ في النَّارِ لأَنَّ نِيّاتِهِمْ كَانَتْ في الدُّنيَا انْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا انْ يَعْصُوا اللهَ ابَداً وَانَّما خُلِّدَ اهْلُ الْجَنَّةِ فِى الْجَنَّةِ لأَنَّ نِيّاتِهِمْ كَانَتْ في الدُّنْيا انْ لَوْ بَقُوا فِيهَا انْ يُطيعُوا اللهَ ابداً ، فَبِالنِّيّاتِ خُلِّدَ هؤُلاءِ وَهؤُلاءِ) (١)
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١ ، ص ٣٦ ، الحديث ٤.