(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إنَّكُمْ لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ* أَفَتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةُ ...) (١)
وهكذا كانت مسألة الإيمان بالله الذي لا يُرى تعدُّ من أعقد المشاكل التي ثقلت على أفكار أهل الجاهلية رغم سماعهم لزمزمة القيامة التي كانت تنبعث من داخل فطرتهم ، إلّاأنّ ضوضاء جهلهم وصخبه كان يصادر لطافة تلك الزمزمة ويفقدها فاعليتها في أنفسهم ولعل هؤلاء لايعلمون أنّ هذه التمرة الجافة والمتعفنة التي ضاعت في طيات التراب قد تكون أصبحت جزءاً من الأرض عشرات المرات ثم ظهرت على غصن نخلة بعد أن إنطلقت من جذورها فنمت وتفتحت لتصبح ثمرة لذيذة طرية ثم جفت ووقعت ثانية على التراب ، أو لبن النافة الذي أصبح لمرات جزءاً من رضيعها وما إن مات وعاد تراباً حتى عاد إلى التراب فمر بجذور نبات أو شوكة ليصبح جزءاً من بدن ناقة أخرى ثم جرى في عروقها لينتقل إلى ثديها وبالتالي يعود لبناً جديداً!
وبالطبع فإنّ هذا الفكر الجاهلي الذي يرى إستحالة عودة الكائنات الحيّة وعدم إمكانية إعادة المعدومات لم يسود عقل عقل ذلك الإعرابى فحسب ، بل قد يتجلى ذلك بصورة أخرى فى عقل فليسوف ليرى قضية «إعادة المعدوم» لو كانت هناك قيامة ومعاد وإعادة المعدوم محال!
إلّاأنّ الرقي والتكامل الذي بلغته العلوم الطبيعية ـ وخلافاً لما كان يتوقعه أصحاب النزعة المادية ـ قد أزاح الستار عن بعض الأسرار بحيث إتضحت على ضوء ذلك قضية المعاد والحياة الأخرى بعد الموت بما لايدع مجالاً للشك.
__________________
(١) سورة سبأ ، الآية ٧ ـ ٨