فما كان في الإنسان يلفت نظرنا إلى وجود شبيهه في العالم الكبير (إحتفظ بهذا في ذهنك).
* * *
يوجد في باطن الإنسان محكمة صغيرة يصطلح عليها اليوم «الوجدان» ويسميها الفلاسفة «العقل العملي» ووردت على لسان الآيات القرآنية باسم «النفس» أو «النفس اللوامة» ويطلق عليها العرب إسم «الضمير» ، وحقاً إنّها لمحكمة عجيبة لا تعدلها كافة محاكم الدنيا بكل أجهزتها وأبهتها وعرضها وطولها.
محكمة يتحد فيها «القاضي» و«الشاهد» و«منفذ الأحكام» و«الحاضر» وهو ما اصطلحنا عليه بالوجدان.
وهذه المحكمة وخلافاً للمحاكم الصاخبة التي قد تطلب أصول المحاكمات فيها خمس عشرة سنة ، فهي لا تحتاج إلى الوقت ، نعم قد تطلب ساعة أو دقيقة أو لحظة ليتم فيها كل شيء.
ليس هنالك من سبيل للاستئناف والتمييز وإعادة النظر والديوان العالي والتي تفيد جميعاً عدم الوثوق بممارسات المحكمة السابقة إلى هذه المحكمة ، فلأحكامها مرحلة واحدة فقط ، ولاغرو فالثقة والإعتماد هي الحاكمة هنا.
ليس فيها الانحرافات التي تشوب أعمال القضاة في المحاكم الرسمية من قبيل الخوف من المسؤولين والانفعال بالوصايا والوساطات وإصدار الأحكام لصالح هذا وذلك بعيداً عن العدل والإنصاف والإغترار بالرشوة والأموال وما إلى ذلك ، نعم ، العيب الوحيد في هذه المحكمة أنّه يمكن إستغلال صفائها وطهرها وبالتالي خداعها وتصوير الحق لها باطلاً والعكس