زمان ومكان : (وَهُوَ مَعَكُمْ أيْنَما كُنْتُمْ) (١)
وأمّا الإيمان بالمعاد ، فهو يعني الإيمان بمحكمة العدل الإلهي التي ليس لها أي شبه بمحاكم الدنيا وهذا العالم الذي نعيش فيه ، فجميع الأعمال حاضرة لديه : (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً) (٢)
والسّجل يضم كافة الأعمال بغض النظر عن صغرها وكبرها : (لَا يُغَادِرُ صَغِيْرِةً وَلَاكَبِيرِةً الّا احْصَاهَا) (٣)
ونحن الذين ينبغي علينا أن نقرأ ملّف أعمالنا ، كما علينا أن نقضي بشأن أنفسنا ونحكم فيها : (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الَيْومَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (٤)
ونحن الذين سندلي بشهاداتنا على أعمالنا بما في ذلك أعضاؤنا وجوارحنا التي ستشهد في تلك المحكمة : (وَشَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ) (٥)
فلا سبيل إلى الإنكار ولا سبيل إلى الرجوع وتلافي ما فرط منّا ، وليس لنا طاقة على تحمل العذاب الإلهي ، كما ليس من سبيل للهرب.
المحسنون والصالحون والمقربون في جوار الحق ورحمة الله يتلذذون بالنعم التي لم ترها عين أو تسمع بها أذن أو تخطر على قلب بشر ؛ بينما يتجرّع المسيئون والآثمون والظالمون غصص جهنم التي تطلع على أفئدتهم فتحرقهم : (نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةِ الَّتِي تَطَّلِعَ عَلَى الافْئِدَةِ) (٦)
نعم لو عشنا الإيمان بالأصلين المذكورين ، بل لو كانت لأرواحنا أدنى
__________________
(١) سورة الحديد ، الآية ٤
(٢) سورة الكهف ، الآية ٤٩
(٣) سورة الكهف ، الآية ٤٩
(٤) سورة الاسرار ، الآية ١٤
(٥) سورة فصلت ، الآية ٢٠
(٦) سورة الهمزة ، الآية ٦