الزلزلة ، وعاد كل شيء إلى سكونه ، لم يكن لهذه الزلزلة من أثر سوى أنّها غيرت قطبي العالم فقد أصبح القطب الشمالي جنوباً والجنوبي شمالاً! إلّا أنّ الأوضاع أصبحت أحسن من السابق ، شعرت لمدّة بحرارة شديدة في رأسي وعلى العكس كان البرد دبّ في يدي ورجلي ، والآن عاد الاعتدال والتوازن.
كأنّها لم تكن زلزلة ، بل كانت حركة للحياة! (مرّت عدّة أيّام على هذه الحالة) آه! لقد نفد غذائي تماماً ، حتى أنّي لعقت كل ما في جدار السجن ولم يبق شيء ... خطر ، هذه المرة ، جدي ... إنّها نهاية الدنيا ، وقد فغر الموت والفناء فاه على مقربة منّي. حسناً دعني أموت ، لكن لم يعلم بالتالي الهدف من خلق هذا العالم ومن هذا المخلوق السجين الوحيد؟ ياله من عبث! كم هو لغو! لا طائل من وراءه! ولادة في السجن وموت وفناء في السجن ، «لست راضياً بهذه الخلقة ، كانت مفروضة!».
آه! إنّ الجوع قد أخذ مأخذه منّي ، لقد فقدت توازني والموت يلاحقني ، كأنّ هذا السجن بكل بؤسه هو أفضل من العدم ، جاءني خاطر ، كأنّي بصوت ينطلق من أعماقي إضرب بمنقارك وبشدّة جدار السجن! يالها من فكرة خطيرة! أفيمكن ذلك. هذا إنتحار ، هذا آخر الدنيا ، هنا الحد الفاصل بين العدم والوجود ... لكن لا ، لعل هناك خبراً آخر وأنا لا أعلمه ... أنا محكوم بالموت ، دعني أموت بعد جهد.
لقد إشتد هذا الصراخ في أعماقي وهو يناديني حطم الجدار ... آه! لعلي أمرت بقتل نفسي ... على كل حال ليس لي من سبيل سوى طاعة ذلك النداء الباطني (هنا يشرع الفرخ بالضرب بمنقاره الغطاء الشفاف للبيضة).
إضرب بقوة ... بقوة أشد ... لا تخف! أكثر قوة! ...