لقد ذهل ذلك الإعرابي حين وقعت عينه على قطعة عظم متعفن وسط الصحراء ، ولم يكن واضحاً أنّ ذلك العظم لرجل قتل في نزاع قبلي أم توفاه الله سبحانه ، ففكر مع نفسه قليلاً : أنّ محمداً يقول بأنّ هذا العظم البالي سيكتسب الحياة مرّة أخرى ويعود الإنسان شاباً حيوياً طرياً ، يالها من خرافة عجيبة! ...
قسماً بهذه الأوثان سأردّ عليه بهذا الدليل المحكم.
فحمل ذلك العظم وأسرع يطلب رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما رآه قال : (مَنْ يُحيي الْعِظامَ وَهِىَ رَمِيم) (١)
وهنا نزلت الآيات القرآنية كحباب المطر في الربيع على قلب رسول الله صلىاللهعليهوآله لتجيب بمنطق صريح جذّاب : (قُلْ يُحيِيهَا الَّذي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (٢)
(أَوَ لَيْسَ الَّذي خَلَقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم) (٣)
كما وردت آية أخرى شبيهة للآية المذكورة : (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعيدُهُ) (٤)
* * *
والآن نتصفح أوراق تأريخ ظهور البشرية فنعود إلى الوراء لنرى بداية الخليقة : ... فجأة قذفت من الشمس كتلة نارية عظيمة أطلق عليها فيما بعد إسم «الأرض» فأخذت فوراً بالدوران حول الشمس ، إلّا أنّها كانّت متقدة ومحرقة بحيث إذا تأملها الناظر لما احتمل إنّها ستصبح يوماً موضعاً لكل
__________________
(١) سورة يس ، الآية ٧٨.
(٢) سورة يس ، الآية ٧٩.
(٣) سورة يس ، الآية ٨١.
(٤) سورة الأنبياء ، الآية ١٠٤.