هذه البساتين الغنّاء والأزهار الجميلة والشلّالات والطيور المتنوعة وأفراد الجنس البشري.
ولا ندري على وجه الدقّة كم مضى على تلك اللحظة ، ولعلها تمتد إلى خمسة آلاف مليون سنة! مضت آلاف ملايين السنين والأرض ساخنة ومحرقة.
ثم إتحد غاز الهيدروجين مع الاوكسجين في أجواء الأرض ليكونا بخار الماء ، وبردت الطبقات العليا من الجو بمرور الزمان فاشبعت ببخار الماء فبدأت سيول الأمطار الرهيبة. إلّاأنّ الأرض كانت على درجة من السخونة بحيث لم تخترقها الأمطار ، فكانت تتحول بخاراً قبل ملامستها فترتفع إلى الأعلى ، وهكذا بقيت البحار لسنوات مديدة ـ ربّما ملايين السنين ـ تائهة معلقة ما بين الأرض والسماء!
فلم يكن لها من سبيل إلى الأرض ولا إلى جو السماء ، فكلما حاولت أن تقترب من الأرض لم تدعها الحرارة ، وحين كانت تندفع إلى السماء لم يكن لها القدرة الكافية لحل كل ذلك بخار الماء ، فكانت دائبة الحركة.
إلّاأنّ تلك الحركة أخذت تبرّد الأرض بالتدريج وتحد من جماحها.
فعادت المياه إلى الأرض ، حيث تقبلتها ودعتها تستقر في الحفر ، لكن لم يكن يسمع في الكرة الأرضية سوى صوت الرعد والبرق وزئير الشلّالات وأمواج البحار وصرير العواصف. فلم تتفتح وردة ولابرعم ، كما لم تكن هناك فراشة تلقح الأوراق ولا أصوات لرفرفة أجنحة الطيور التي تحلق على شكل أسراب وجماعات لتحطم حاجز الصوت المرعب لتلك المقبرة ، لا صوت حشرة ولا تغريد بلبل ... كان الصمت سائداً في كل مكان!
وفجأة حدثت ثورة عجيبة وحادثة فريدة فقد ظهرت أولى الكائنات