____________________________________
للغير ، وهو بعد الكمال وفوقه في الجمال ، ويؤيده حديث «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم» (١).
ومنهم من قال بالثاني زعما بأن الولاية عبارة عن العرفان بالله تعالى وصفاته وقرب منه وكرامة عنده ، والنبوّة عبارة عن سفارة بينه وبين عبده ، وتبليغ أحكامه إليه والقيام بخدمة متعلقة بمصلحة العبد ، وقاسوا الغائب على الشاهد والخلق على المخلوق فإنهم شبّهوا الولي بمجالس الملك والنبي بالوزير في قيام أمر الملك ، ولم يعرفوا أن مقام جمع الجمع حاصل للأنبياء ، ولكلّ أتباعهم من الأصفياء وهو أن لا تحجبهم الكثرة عن الوحدة ولا الوحدة عن الكثرة ، وهو فوق مرتبة التوحيد الصرف ، الذي هو مقام عموم الأولياء ، فقول بعض الصوفية : إن الولاية أفضل من النبوّة (٢) معناه أن ولاية النبي أفضل من نبوّته إذ عرفت أن النبوّة والرسالة أكمل في علو درجته ، وهذا الا ينافي إجماع العلماء على أن الأنبياء أفضل من الأولياء.
وأما قول بعض الصوفية أن بداية الولاية نهاية النبوّة (٣) فمعناه أن الولاية ما تتحقّق إلا بعد قيام صاحبها بجميع ما تقرر من عند صاحب النبوّة ، فإن الولي من واظب على الطاعات ولم يرتكب شيئا من المحرّمات ، فما دام عليه امتثال أمر واجتناب زجر فلا يطلق عليه اسم الولي العرفي ، وإن كان يقال لكل مؤمن : إنه الولي اللغوي ، وأما ما حكي عن ابن العربي من خلاف ذلك فحسن الظن به أنه من المفتريات عليه المنسوبات إليه (٤).
__________________
(١) أخرجه الديلمي في الفردوس ٤٣٤٦ من حديث أبي سعيد الخدري وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال : لا يصح فيه سلام الطويل قال الدارقطني وغيره متروك.
(٢) لا داعي لهذا التأويل وهذا الاعتذار الذي يحاول المصنف تأويله لتبرئة هؤلاء الصوفية فمهما حاول فلن يفلح فقد قال الصوفية :
مقام النبوة في برزخ |
|
فويق الرسول ودون الولي |
انظر الفتوحات المكيّة لابن عربي ٢ / ٢٥٢ ، ولطائف الأسرار له ص ٤٩ ، وانظر ردّ شارح الطحاوية على هذه المسألة ٢ / ٧٤٢ ـ ٧٤٣ ، وما بعدها.
(٣) النبي أفضل من الولي قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته : ٢ / ٧٤١ : «لا نفضل أحدا من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهمالسلام ، ونقول نبي واحد أفضل من جميع الأولياء».
(٤) انظر كلامه في فصوص الحكم ١ / ٦٣ ، والفتوحات المكية ٢ / ٢٥٢ ، ولطائف الأسرار ص ٤٩ ، وغيرها من كتبه فتتّضح لك عقيدته.