____________________________________
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) (١) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» (٢) ، ثم الكاهن هو الذي يخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان ، ويدّعي معرفة الأسرار في المكان ، وقيل : الكاهن الساحر والمنجّم إذا ادّعى العلم بالحوادث الآتية فهو مثل الكاهن وفي معناه الرمال.
قال القونوي : والحديث يشمل الكاهن والعرّاف والمنجّم فلا يجوز اتّباع المنجّم والرمال وغيرهما كالضارب بالحصى ، وما يعطى هؤلاء حرام بالإجماع كما نقله البغوي ، والقاضي عياض وغيرهما ولا اتّباع من ادّعى الإلهام فيما يخبر به عن إلهاماته بعد الأنبياء عليهمالسلام ولا اتّباع قول من ادّعى علم الحروف المهجات لأنه في معنى الكاهن انتهى.
ومن جملة علم الحروف فأل المصحف حيث يفتحونه وينظرون في أول الصحيفة أيّ حرف وافقه ، وكذا في سابع الورقة السابعة فإن جاء حرف من الحروف المركّبة من تخلاكم حكموا بأنه غير مستحسن وفي سائر الحروف بخلاف ذلك ، وقد صرّح ابن العجمي (٣) في منسكه وقال : لا يؤخذ الفأل من المصحف ، فإن العلماء اختلفوا في ذلك فكرهه بعضهم ، وأجازه بعضهم ونصّ المالكية على تحريمه انتهى ، ولعل من أجاز الفأل أو كرهه اعتمد على المعنى ومن حرّمه اعتبر حروف المبنى فإنه في معنى الاستقسام بالأزلام ، قال الكرماني : ولا ينبغي أن يكتب على ثلاث ورقات من البياض ، أو غيره افعل لا تفعل أو يكتب الخير والشر ، ونحو ذلك فإنه بدعة انتهى. وذكر في المدارك ما يدلّ على أنه أي الاستقسام بالأزلام والأقداح حرام بالنص ، لأنه قال في تفسير قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (٤). إلى قوله تعالى : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) (٥) ، أي قال : كان أحدهم في الجاهلية إذا أراد سفرا أو غيره من
__________________
(١) النمل : ٦٥.
(٢) أخرجه أبو داود ٣٩٠٤ ، والترمذي ١٣٥ ، وابن ماجة ٦٣٩ ، وابن الجارود ١٠٧ ، والبيهقي ٧ / ١٩٨ ، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣ / ٤٤ ـ ٤٥ ، والدارمي ١ / ٢٥٩ ، وأحمد ٢ / ٤٠٨ و ٤٢٩ و ٤٧٦ كلهم من حديث أبي هريرة بإسناد قوي.
(٣) اشتهر بهذا الاسم ثلاثة : أولهما أحمد بن عبد العزيز بن محمد ، وثانيهما أحمد بن محمد بن يوسف المصري الشافعي المتوفى سنة ٨٤٠ ه ، وثالثهما : محمد بن أحمد بن جامع الأصبهاني المتوفى سنة ٧٢٧ ه.
(٤) المائدة : ٣.
(٥) المائدة : ٣.