____________________________________
مصنّف واعتقده القوم الذين اطّلعوا عليه كفروا ، ولا عذر لهم فيه إلا إن كان الكفر مختلفا فيه ، وزاد في المحيط ، وقيل : إذا سكت القوم عن المذكر وجلسوا عنده بعد تكلمه بالكفر كفروا. انتهى ، وهذا محمول على العلم بكفره ...
وفي المحيط (١) من أنكر الأخبار المتواترة في الشريعة كفر مثل حرمة لبس الحرير على الرجال ، ومن أنكر أصل الوتر وأصل الأضحية كفر انتهى ، ولا يخفى أنه قيّده بقوله في الشريعة لأنه لو أنكر متواترا في غير الشريعة كإنكار جود حاتم وشجاعة علي رضي الله عنه وغيرهما لا يكفر ، ثم اعلم أنه أراد بالتواتر هاهنا التواتر المعنوي لا اللفظي لعدم ثبوت تحريم لبس الحرير ، وأصل الوتر والأضحية بالتواتر المصطلح فإن الأخبار المروية عنه صلىاللهعليهوسلم على ثلاث مراتب كما بيّنته في شرح شرح النخبة ونخبته هنا أنه إما متواتر ، وهو ما رواه جماعة لا يتصوّر تواطؤهم على الكذب ، فمن أنكره كفر أو مشهور وهو ما رواه واحد عن واحد ، ثم جمع عن جمع لا يتصوّر توافقهم على الكذب فمن أنكره كفر عند الكل إلا عيسى بن أبان فإن عنده يضلل ولا يكفر وهو الصحيح ، أو خبر الواحد وهو أن يرويه واحد عن واحد فلا يكفر جاحده غير أنه يأثم بترك القبول إذا كان صحيحا أو حسنا.
وفي الخلاصة : من ردّ حديثا قال بعض مشايخنا : يكفر ، وقال المتأخرون إن كان متواترا كفر. أقول : هذا هو الصحيح إلا إذا كان ردّ حديث الآحاد من الأخبار على وجه الاستخفاف والاستحقار والإنكار. وفي الفتاوى الظهيرية : من روى عنده عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : ما بين بيتي ومنبري ، أو ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة (٢) ، فقال الآخر أرى المنبر والقبر ولا أرى شيئا أنه يكفر وهو محمول على أنه أراد به الاستهزاء
__________________
(١) المحيط : هو المحيط البرهاني وهو مرادهم عند الإطلاق ، كما صرّح بذلك ابن أمير حاج في حلية المجليّ ، وقيل بل المحيط الرضوي ، والأول أصح ، ومؤلفه برهان الدين محمود بن أحمد وللسرخسي أيضا المحيط الكبير ، وهو نحو أربعين مجلدا.
(٢) أخرجه من حديث عبد الله بن زيد : البخاري ١١٩٥ ، ومسلم ١٣٩٠ ، والموطأ ١ / ١٩٧ ، والنسائي ٢ / ٣٥ ، وأحمد ٤ / ٣٩ ـ ٤٠.
وأخرجه من حديث أبي هريرة البخاري ١١٩٦ و ١٨٨٨ و ٦٥٨٨ و ٧٣٣٥ ، ومسلم ١٣٩١ ، والترمذي ٣٩١٥ ، وأحمد ٢ / ٢٣٦ و ٣٧٦ و ٤٣٨ و ٥٣٣ و ٥٣٤.
وأخرجه الترمذي ٣٩١٥ من حديث علي وأبي هريرة رضي الله عنهما.
وأخرجه مالك في الموطأ ١ / ١٩٧ من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري.