____________________________________
الشافعي رحمهالله ، وهو في حق أحكام الدنيا ، وأما فيما بينه وبين الله فتقبل بلا خلاف ، وعن أبي يوسف رحمهالله تعالى : إذا تكرر منه الارتداد يقتل من غير عرض الإسلام أيضا لاستخفافه بالدين.
ثم اعلم أن الشيخ العلّامة المعروف بالبدر الرشيد رحمهالله تعالى من الأئمة الحنفية جمع أكثر الكلمات الكفرية بالإشارة الإيمائية فهنا أبين رموزها وأعين كنوزها وأحلّ غموزها وأجلى غموضها.
ففي حاوي الفتاوى (١) : من كفر باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان ، فهو كافر ، وليس بمؤمن عند الله. انتهى. وهو معلوم من مفهوم قوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ) (٢). وفي خلاصة الفتاوى (٣) من خطر بباله ما يوجب الكفر لو تكلم به ولم يتكلم وهو كاره لذلك ، فذاك محض الإيمان. انتهى ، وقد ورد حديث في هذا المعنى وقال عليه الصلاة والسلام : «الحمد لله الذي ردّ أمر الشيطان إلى الوسوسة» (٤). وفيه أيضا إن من عزم على الكفر ولو بعد مائة سنة يكفّر في الحال. انتهى. وقد بيّنت وجهه في ضوء المعالي شرح بدء الأمالي ... وفيه أيضا أن من ضحك مع الرضاء عمّن تكلم بالكفر كفر. انتهى. ومفهومه أن من ضحك تعجبا من مقالته مع عدم الرضاء بحالته لا يكفر ، فالمدار على الرضاء ، وإنما قيّد المسألة بالضحك لأن الغالب أن يكون مع الرضاء ، ولذا أطلق في مجمع الفتاوى (٥) ، وقال : من تكلم بكلمة الكفر وضحك به غيره كفر.
ولو تكلم به مذكّر وقبل القوم ذلك كفروا يعني لو تكلم به واعظ أو مدرّس أو
__________________
(١) هو الحاوي للفتاوى للإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة ٩١١ ه وهو مجلد أورد فيه اثنتين وثمانين رسالة من مهمات الفتاوى التي أفتى ورتبه على أبواب.
(٢) النحل : ١٠٦.
(٣) خلاصة الفتاوى كتاب معتبر معتمد في مجلدين ، جمعه طاهر بن أحمد من الواقعات والخزانة.
توفي سنة ٧٨٨ ه.
(٤) لم أجده فيما بين يدي من مراجع.
(٥) مجمع الفتاوى لأحمد بن محمد بن أبي بكر الحنفي ثم اختصره وسماه خزانة الفتاوى جمع فيه غرائب المسائل وهو مأخوذ من الفتاوى الكبرى والصغرى للصدر وفتاوى محمد بن الفضل البخاري وفتاوى محمد بن الوليد السمرقندي وفتاوى الرستغني وفتاوى عطاء بن حمزة والناطفي وغريب الرواة وغيرها.