____________________________________
بعض المتأخرين كفر مطلقا أوّل أو لم يؤوّل ، لكن الأول هو الصحيح المعوّل. وفيه أيضا : ومن جحد القرآن أي كله أو سورة منه ، أو آية قلت : وكذا كلمة أو قراءة متواترة ، أو زعم أنها ليست من كلام الله تعالى كفر يعني إذا كان كونه من القرآن مجمعا عليه مثل البسملة في سورة النمل ، بخلاف البسملة في أوائل السور فإنها ليست من القرآن عند المالكية على خلاف الشافعية ، وعند المحقّقين من الحنفية أنها آية مستقلة أنزلت للفصل ، وفيه أيضا من سمع قراءة القرآن فقال : استهزاء بها صوت طرفة كفر أي نغمة عجيبة ، وإنما يكفر إذا قصد الاستهزاء بالقراءة نفسها بخلاف ما إذا استهزأ بقارئها من حيثية قبح صوته فيها وغرابة تأديته لها.
وفي الفتاوى الظهيرية : من قرأ آية من القرآن على وجه الهزل كفر ، قلت : لأنه تعالى قال : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) (١). وفي تتمة الفتاوى : من استعمل كلام الله تعالى بدل كلامه كمن قال في ازدحام الناس : فجمعناهم جمعا كفر ، قلت : هذا إنما يتصوّر إذا كان قائل هذا الكلام هو جامع الناس بالازدحام ، وإلا فلا مانع من أنه تذكّر في هذا المقام قوله تعالى : فيما سيكون يوم القيامة فالأظهر في مثال هذا الباب : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ) (٢). إذا قصد هذا المعنى في الخطاب بخلاف ما إذا طابق لفظه نص الكتاب والله تعالى أعلم بالصواب.
وفي فوز النجاة : من قال لآخر : اجعل بيته مثل السماء والطارق يكفر لأنه يلعب بالقرآن ، قلت : وكذا من قال : جعلت بيتي مثل ما ذكر فلا مفهوم لآخر فتدبر. وفي جواهر الفقه من قال لآخر : ظهر البيت أو فمه مثل والسماء والطارق قلت : إنما ذكره تقوية لما قبله ... وفي فوز النجاة من قال لآخر : طبخ القدر بقل هو الله أحد كفر. أي لأنه أراد بهذا السخرية لا التبرّك به وتحسين الطويّة.
وفي [الظهيرية] (٣) : من قال سلخت أو سلخ سورة الإخلاص أو قال لمن يكثر قراءة سورة التنزيل أخذت جيب سورة التنزيل كفر قلت : أراد بالتنزيل التمثيل ولذا قال في المحيط أو قال : أخذت جيب ألم نشرح لك كفر. أي لقصده الاستهزاء لا المداومة على قراءته في البلاء والرخاء ... وفي الظهيرية لو قال : فلان أقصر من إنّا أعطيناك كفر ،
__________________
(١) الطارق : ١٣.
(٢) مريم : ١٢.
(٣) تصحفت في الأصل إلى الظهيرة والصواب [الظهيرية].