____________________________________
أو أصعد أو أسير أو أتقدم ، فقال المستشار : بسم الله يعني به أدنتك فيما استأذنت كفر يعني حيث وضع كلام الله موضع مهانة توجب إهانة ، وهذا تصوير مسألة الإجازة ، وأما تصوير مسألة الأمر للشيء فهو أن صاحب الطعام يقول لمن حضر : بسم الله ، وهذه المسألة كثيرة الوقوع في هذا الزمان وتكفيرهم حرج في الأديان ، والظاهر المتبادر من صنيعهم هذا أنه يتأدبون مع المخاطب حيث لا يشافهونه بالأمر ويتباركون بهذه الكلمة مع احتمال تعلقه بالفعل المقدّر أي كل باسم الله وادخل بسم الله على أن متعلق البسملة في غالب الأحوال يكون محذوفا من الأفعال ، فلا يقال للمصنّف ، أو القارئ إذا قال بسم الله أنه أراد وضع كلام الله موضع كلامه ، بل يقال : تقديره أصنّف أو أقرأ أو أبتدئ كلامي ونحوه بسم الله فالمقصود أنه لا ينبغي للمفتي أن يعتمد على ظاهر هذا النقل لا سيما وهو مجهول الأصل ، وليس مستندا إلى من يتعيّن علينا تقليده فيجوز لنا تقييده ، وأما ما نقله البزازي (١) عن مشايخ خوارزم من أن الكيال والوزان يقول في ابتداء العدّ في مقام أن يقول : واحد بسم الله ويضعه مكان قوله واحد لا يريد به ابتداء العدّ لأنه لو أراد لقال : بسم الله واحد ، لكنه لا يقول كذلك ، بل يقتصر على بسم الله يكفر ففيه المناقشة المذكورة هنالك فإنه لا يبعد أنه أراد ابتداء العد كما تدل عليه البسملة المتعلقة غالبا بابتدئ أو ابتدائي أو ابتدأت المقدّرة أولا أو آخر فحينئذ يستغنى ، بهذا القدر عن قوله واحد فتدبر ، فإنه إيجاز في الكلام ، وليس على صاحبه شيء من الملام ونظيره ما يقوله بعض الجهلة عند استلام الحجر الأسود : اللهمّ صلّ على نبي قبلك فإنه كفر بظاهره إلا أنهم يريدون به الالتفات في الكلام ، وفي المحيط من قال : القرآن أعجمي كفر يعني لأنه معارضة لقوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا) (٢). وبوجود كلمة أعجمية فيه معربة لا يخرج عن كونه عربيّا لأن العبرة للأكثر فتدبر ، وفيه أيضا من رأى الغزاة الذين يخرجون للغزو فقال : فقال : هؤلاء أكلة الرز ، فقد قيل : يخشى عليه الكفر يعني إن أراد به مجرد إهانتهم من جهة طاعتهم كفر ، وأما إن قال ذلك نظرا إلى عدم تصحيح نيّتهم وتحسين طويّتهم فلا يكون كفرا ، وفيه أيضا من صلى الفجر وقال بالفارسية : فجرك وانماز كر دم يعني صليت الفجر بصيغة التصغير للتحقير ، أو قال : آن دابر سر من دادم كفر يعني أدّيت ما وضع على مثل ما يضعه الحاكم الظالم على الرعية ، وتسمى الرمية في اللغة العربية ، ومن قال : والله
__________________
(١) البزازي : محمد بن محمد الكردي صاحب الفتاوى المسماة بالوجيز ، وتعرف بالبزازية توفي سنة ٨٢٧ ه.
(٢) يوسف : ٢.