____________________________________
لا أصلي ولا أقرأ القرآن ، أو قال هو إن صلى أو قرأ أو شدّد الأمر على نفسه ، أو صعب ، أو أطول ، أو قال : إن الله نقص من مالي ، وأنا أنقص من حقه ولا أصلي انتهى. كذا من غير بيان حكم ، والظاهر عدم الكفر في الصور الأول والكفر في المسألة الأخيرة ، فتأمل فإن معارضة الرب من علامة كفر القلب بخلاف القسم على ترك الصلاة فإنه ينبئ عن تعظيم الله سبحانه في الجملة مع نوع من المخالفة في الطاعة التي لا تخرجه عن الإيمان والله المستعان ...
وأما قوله وفي نسخة منسوبة إلى التتمة من قال : لا أصلّي جحودا ، أو استخفافا ، أو على أنه لم يؤمر أو ليس بواجب انتهى. فلا شك أنه كفر في الكل ، وفي الفتاوى الصغرى (١) ، أو قال للمكتوبة : لا أصلّيها أبدا انتهى ، وظاهر عطفه بأو على ما قبله أنه يشاركه في حكمه بالكفر ، وفي المسألة الأولى كفره ظاهر إن أراد به عدم الوجوب بخلاف ما إذا أراد الجواب والله أعلم بالصواب. وبخلاف المسألة الثانية : اللهمّ إلّا أن يقال الإصرار على الكبيرة كفر حقيقي ، نعم كفر باعتبار أنه يخشى عليه من الكفر ، فإن المعاصي تزيد الكفر ، وإلا فترك الطاعات بالكلية وارتكاب السيئات بأسرها لا يخرج المؤمن عن الإيمان عند أهل السّنّة والجماعة بخلاف الخوارج والمعتزلة.
وفي الخلاصة أو قال : لو أمرني الله تعالى بعشر صلوات لا أصلّيها ، أو قال : لو كانت القبلة إلى هذه الجهة لا أصلّي إليها ، وإن كان محالا يعني يكفر مع كونه محالا لأنه معارضة لأمر الله سبحانه نحو قول إبليس : (لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٢) فإنه ما كفر إلا بالمعارضة لا بترك السجدة ، وإلا فهو كآدم عليهالسلام في مرتبة واحدة حيث خالف بأكل الشجرة ، ثم في نسخة منسوبة إلى الظهيرية ، أو قال العبد : لا أصلي فإن الثواب يكون للسيد يعني أنه كفر لزعمه أنه لا ثواب له مع أنه يجب على العبد مطاوعة مولاه سواء يكون له ثواب أم لا على أن الثواب حاصل للعبد ولمالكه ثواب السببية ، والفضل واسع ، بل قال الإمام الرازي : من عبد الله لرجاء جنته أو خوف ناره بحيث أنه لو لم يخلق جنة ولا نارا ما كان يعبد الله سبحانه ، فهو كافر لأنه تعالى يستحق أن يعبد لذاته وطلب مرضاته ، ومن صلى في
__________________
(١) الفتاوى الصغرى للشيخ الإمام عمر بن عبد العزيز المعروف بحسام الدين الشهيد المقتول سنة ٥٣٦ ه.
(٢) الحجر : ٣٣.