____________________________________
اعترف بما قاله سبحانه : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) (١). أي المؤمنين حقّا لقوله : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) (٢). وفي المحيط ، أو قال : من يقدر على أن يبلغ هذا الأمر إلى نهايته يعني كفر ووجهه ما تقدّم ، أو قال : لن أصلّي ووالداي كلاهما قد ماتا ، أو قال : لا أصلّي ووالداي حيّان بعد لم يمت منهما واحد يعني كفر حيث علّق وجوب الصلاة وأداءها على وجودهما أو على عدمهما ، أو قال للآمر : ما زدت ، أو ما ربحت من صلاتك يعني كفر ، لأنه اعتقد أن الصلاة لا تزيد في الأجر ، ولا يكون في تجارتها ربح في الأمر ، أو قال : الصلاة وتركها واحد كفر في الوجود كلها ، وقد تقدّم وجوه جميعها إلا الأخير فإنه اعتقد أن الطاعة والمعصية حكمهما واحد في الشريعة ، والحقيقة ، وقد قال الله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا). أي اكتسبوا (السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٣). وفي جواهر الفقه : من جحد فرضا مجمعا عليه كالصلاة والصوم والزكاة والغسل من الجنابة كفر.
قلت : وفي معناه من أنكر حرمة محرم مجمع عليه كشرب الخمر والزنا ، وقتل النفس ، وأكل مال اليتيم والربا ، ثم قال : ومن قال بعد شهر من إسلامه فصاعدا في ديارنا أي ديار الإسلام إذا سئل عن خمس صلوات ، أو عن زكاة فقال : لا أعلم أنها فريضة كفر ، قلت : هذا في الصلاة ظاهر ، وأما في الزكاة فمحل بحث إلا إذا كان ممن تجب عليه الزكاة ، ولو قيل لفاسق : صلّ حتى تجد حلاوة الإيمان ، فقال : لا أصلي حتى أجد حلاوة الترك كفر يعني حيث رجّح حلاوة المعصية على حلاوة الطاعة ، وساوى بينهما ، ولو قال : لو أمرني الله بأكثر من خمس صلوات ، أو بأكثر من صوم شهر رمضان أو بأكثر من ربع العشر في الزكاة لم أفعل يعني كفر ، ووجهه ما تقدّم.
وفي فوز النجاة أو قال : ما أحسن أو ما أطيب امرئ لا يصلي كفر ، يعني لاستحسانه المعصية ومرتكبها ، وفي الفتاوى الصغرى والجواهر : ومن صلى مع الإمام بجماعة بغير طهارة عمدا كفر ، وفيه أن قيد الجماعة مع الإمام لا يظهر وجهه ، ثم الصلاة بغير طهارة معصية فلا ينبغي أن يقال بكفره إلا إذا استحلّها ، وكذا قولهما : ومن صلّى
__________________
(١) البقرة : ٤٥.
(٢) البقرة : ٤٦.
(٣) الجاثية : ٢١.