____________________________________
الشرع يعني إذا كان إباؤه وتعلّله لمعاندة الشرع بخلاف ما إذا أراد دفعه في الجملة عن المخاصمة أو قصد أنه يصحّح الدعوى فيستحق المطالبة إذا تعلّل أو لأن القاضي ربما لا يكون جالسا في المحكمة ، فإنه لا يكفر في هذه الوجوه كلها ، وفي المحيط ولو قال إلى القاضي أي اذهب مسعى إلى القاضي فقال : لا أذهب يعني لا يكفر لما سبق وجهه ، ولأن الامتناع عن الذهاب إلى القاضي لا يوجب الامتناع عن الذهاب إلى الشرع إذ ربما يكون القاضي لا يحكم بالشرع ، وليس كما يزعمه الجهلة من قضاة الزمان حيث لا يفرّقون في القضية بين مكان ومكان ، ومن قال : أي في جوابه لما ذا أعرف الشرع ، أو قال : عندي مقمع ما ذا أصنع بالشرع؟ كفر ، ومن قال : الشرع وأمثاله لا يفيدني ولا ينفذ عندي كفر ، وفي الظهيرية لو قال : أين كان الشرع وأمثاله حين أخذت الدرهم؟ كفر يعني إذا عاند الشرع بخلاف ما إذا أراد توبيخه بأنك حين أخذت ما طلبتني إلى الشرع وحين أطلبك فما تعطيني إلا بالقضاء فليس هذا من باب الوفاء ، وفي المحيط من ذكره عنده الشرع فتجشأ أي عمدا أو تكلفا أو صوّت صوتا كريها أي تقذّرا أو تكرّها أو قال : هذا الشر كفر أي حيث شبّه الشرع بالأمر المكروه في الطبع.
حكي أن في زمن المأمون الخليفة سئل واحد عمّن قتل جائكا فأجاب فقال : يلزمه غضارة غراء أي جارية شابة رعناء فسمع المأمون ذلك فأمر بضرب عنق المجيب حتى مات ، وقال : هذا استهزاء بحكم الشرع والاستهزاء بحكم من أحكام الشرع كفر ، وحكي أن الأمير الكبير تيمور ذات يوم ملّ وانقبض ولم يجب أحدا فيما سأل فدخل ضحكته فأخذ يقول مضاحكة دخل عليّ قاضي بلدة كذا وأخذ في شهور رمضان ، فقال : يا حاكم الشرع! فلان أكل صوم رمضان ، ولي فيها شهود ، فقال ذلك القاضي : ليت آخر يأكل الصلاة لنخلص منهما ليضحك الأمير ، فقال الأمير : أما وجدتم مضحكا سوى أمر الدين ، فأمر بضربه حتى أثخنه فرحم الله من عظّم دين الإسلام.