____________________________________
الوقوع إلا أنها قد تستعمل بمعنى إن فلو قال : إن أنا كنت كذا فلا تقم لا يكفر ، ومن قال : يا كافر! فسكت المخاطب. كان الفقيه أبو بكر البلخي يقول : يكفر هذا القاذف أي الشاتم ، وقال غيره من مشايخ بلخ : لا يكفر ثم جاء إلى بلخ فتاوى بعض أئمة بخارى أنه يكفر فرجع الكل إلى فتاوى أبي بكر البلخي رحمهالله ، وقالوا : كفر الشاتم انتهى. ولعل فائدة قوله فسكت المخاطب إن هذا هو الحكم ، ولو سكت المخاطب لئلا يتوهم أن سكوت المخاطب رضا منه أو إقرار به لاحتمال أن يكون سكوته حلما ، أو غيظا أو تأخيرا للمرافقة في المسألة.
وفي الجواهر من قال لخصمه : كل ساعة أفعل من الطين مثلك كفر انتهى. وفيه بحث لا يخفى إذ غايته أن يكون كاذبا في قوله المخالف لفعله ، نعم لو قال : أخلق بدل أفعل فالظاهر أنه يكفر مع احتمال عدم كفره لقول عيسى عليه الصلاة والسلام (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) (١). ولا يلزم منه التشبيه من جميع الوجوه ، ولذا قال عيسى عليه الصلاة والسلام : (فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ) (٢).
وفي المحيط : ومن قال لمن ينازعه أفعل كل يوم مثلك عشرا من الطين ، أو لم يقل من الطين كفر ، ومن قيل له : يا أحمر! فقال : خلقني الله من سويق التفاح ، وخلقك من الطين ، أو من الحمأة ، وهي ليست كالسويق. كفر أي لافترائه على الله تعالى مع احتمال أنه لا يكفر بناء على أنه كذب في دعواه.
وفي فتاوي قاضي خان من قال لغيره : خلقه الله ثم طرده من عنده قال أكثر المشايخ : إنه يكفر. قلت : الظاهر أنه لا يكفر لاحتمال أن يكون كاذبا أو صادقا في مقاله ، لكن يشكل بما في الظهيرية والمحيط أنه كفر عند الكل ، ولعلهما أرادا بالكل الأكثر فتدبر.
وفي الخلاصة من قال لولده : يا ولد الكافر ، يا ولد المجوسي ، وقال يا ولد الكافر ، قال بعض العلماء : يكفر. قلت : الأظهر أنه لا يكفر لأنه أراد شتمه وقصد قذفه لا أنه عني بنفسه أنه مجوسي ، أو كافر واللزوم ممنوع لتحقّق الاحتمال والله تعالى أعلم بالحال.
__________________
(١) آل عمران : ٤٩.
(٢) آل عمران : ٤٩.