____________________________________
عند دخول رجب أو يعقبه وقعنا فيه تهاونا برمضان أو بالموسم أي موسم الخيرات وكرهها طبعا خلاف ما أمر بحبها شرعا ، كفر ، فإنه صلىاللهعليهوسلم كان إذا دخل رجب يقول : «اللهمّ بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان» (١).
وفي الظهيرية لو قال : وقعنا فيه مرة أخرى تهاونا بالشهور المفضّلة شرعا واستقلالا للطاعة أي طبعا لا قطعا وضعفا ... أو قال عند دخول رجب تفتننّها أندر أفتاديم أي وقعنا في محنتها وبليّتها كفر ، وإن أريد به تعب النفس لا أي لا يكفر لأنه أمر جبلي لا يدخل تحت اختيار العبد ، بل الأجر على قدر المشقّة ، وقد ورد أفضل الطاعات أحمزها أي أشدّها وأصعبها وأحمضها ، أو قال : كم من هذا الصوم أي صوم رمضان فإني مللت أي كرهته ، فهذا كفر أي بخلاف الملالة بمعنى السآمة ، فإن نفيها مختص بالملائكة حيث قال الله تعالى : (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) أي لا يملّون. وفي المحيط من قال : هذه الطاعات جعلها الله تعالى عذابا علينا من غير تأويل كفر أي لأن الله تعالى جعلها أسبابا لما يكون في الآخرة ثوابا ويرفع عنه عقابا وإلا فالله تعالى غني عن العالمين أي عن عبادتهم وعقابهم وثوابهم في ذهابهم وإيابهم ، وقال : فإن أول مراده بالتعب أي أراد بالعذاب التعب لا أي لا يكفر.
ومن قال لو لم يفرضه الله تعالى كان خيرا لنا بلا تأويل كفر ، أي لأن الخير فيما اختاره الله إلا أن يؤول ويريد بالخير الأهون والأسهل فتأمل ...
وفي الخلاصة رجل يرتكب صغيرة ، فقال له آخر : تب فقال المرتكب : ما فعلت أي شيء فعلت حتى يحتاج إلى التوبة ، وفي المحيط ، أو قال : حتى أتوب كفر أي على قواعد أهل السّنّة خلافا للمعتزلة لما قدّمنا في تحقيق المسألة. وفي التتمة لو قال : لا أتوب حتى يشاء الله توبته ورآه عذرا كفر أي لأنه لا يجوز للعاصي حال ارتكاب المعصية أن يعتذر بالقضاء والقدر والمشيئة وإن كان حقّا في نفس الأمر ، ولهذا ذمّ الله الكفار بقوله تعالى : وقالوا (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا) (٢) الآية. مع قوله سبحانه : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما
__________________
(١) أخرجه البذار كما في المجمع ٢ / ١٦٥ من حديث أنس قال الهيثمي : وفيه زائدة بن أبي الرقاد قال البخاري منكر الحديث وجهله جماعة.
وزاد الهيثمي في المجمع ٣ / ١٤٠ نسبته إلى الطبراني في الأوسط وقال فيه زائدة بن أبي الرقاد وفيه كلام وقد وثّق. ا. ه.
(٢) الأنعام : ١٤٨.