____________________________________
بالشرط وعنده أنه يكفر كفر ، وإن كان عنده أنه لا يكفر متى أتى بالشرط لا يكفر متى أتى به ، وعليه كفّارة اليمين أي لا غير ، ويكون قصده بذلك الكلام المبالغة عن امتناعه وتقبيحه لذلك المرام ، وإن حلف بهذه الألفاظ على أمر في الماضي وعنده أنه لا يكفر كاذبا لا كفّارة عليه لأنه غموس أي يغمس صاحبه في النار لكونه كبيرة فهل يكفر فهو على ما ذكرنا. أي كما حرّرنا في الماضي والمستقبل إن كان عنده أنه يكفر كفر ، لأنه رضاء منه بالكفر والرضاء بالكفر كفر ، وعليه الفتوى ، ولو قال بالله وبروحك ، أو برأسك قال بعض المشايخ : يكفر حيث عطف غير الله سبحانه عليه وشاركه في تعظيمه لديه. ولو قال : بالله وبتراب قدمك كفر عند الكل. أي لأن في الأوّلين ما يشعر بتعظيم الله سبحانه في الجملة ، وفي الأخيرة ما يشير إلى إهانته تعالى حيث قال الرب الخالق بتراب قدم المخلوق وما للتراب وربّ الأرباب ...
وفي المحيط : قال علي الرازي رحمهالله : أخاف على من يقول بحياتي وحياتك وما أشبه ذلك الكفر أي لظاهر قوله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) (١). أي شركاء في العبادة ولقوله عليه الصلاة والسلام : «من حلف بغير الله فقد أشرك» (٢). ولكن لما كان الحالف أراد مجرد تعظيم نفسه أو نفس مخاطبه في الجملة لا على وجه المقابلة والمشاركة لم يجزم بكفره ، ويدخل في قوله وما أشبه ذلك لو حلف بالنبي أو بروح النبي ، أو حياة النبي ، أو بالكعبة ، أو الأمانة وأمثال ذلك ، ولو لا أن العامّة يقولونه ولا يعلمونه لقلت أنه شرك خفيّ لأنه لا يمين أي منعقدة إلا بالله تعالى. فإذا حلف بغير الله تعالى فقد أشرك أي ظاهرا ، أو شابه المشركين.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : لأن أحلف بغير الله صادقا أشد وأنكر عليّ من أن أحلف بالله كاذبا ، أو قال : لأن أحلف بالله كاذبا أحبّ إليّ من أن أحلف بغير الله صادقا.
قلت : وهذه الرواية صريحة في عدم كفر من حلف بغير الله كما لا يخفى ... وفي الفتاوى الصغرى من قال لآخر بالفارسية : أي بار خاي من عالما بالمعنى وقاصدا به كفر.
وقال أبو القاسم ، وفي الظهيرية وأكثر المشايخ على أنه يكفر مطلقا علم المعنى أو لم يعلم قصده أو لم يقصده ... قلت هذا مشكل لأنه إذا سمع كلمة عجيبة ولم يعلم
__________________
(١) البقرة : ٢٢.
(٢) تقدم تخريجه فيما سبق.